للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُشْترِى، أفْضَى إلى اخْتِلاطِ المِيَاهِ، واشْتِباهِ الأنْسابِ، والفَرْقُ بين البيع والتَّزْويجِ، أنَّ النكاحَ لا يُرادُ إلَّا للاسْتِمتاعِ، فلا يجوزُ إلَّا في مَن تَحِلُّ له، فوَجَبَ أن يتقَدَّمَه الاسْتِبْراءُ، ولهذا لا يَصِحُّ تَزْويجُ مُعْتَدَّةٍ، ولا مُرْتَدَّةٍ، ولا مَجُوسِيَّةٍ، ولا وَثَنِيَّةٍ، ولا مُحَرَّمةٍ بِالرَّضاعِ ولا المُصاهَرةِ، والبيعُ يُرادُ لغيرِ ذلك، فصَحَّ قبلَ الاسْتِبْراءِ، ولهذا صَحَّ في هذه المُحَرَّماتِ، ووَجَبَ الاسْتِبْراءُ على المُشْترِى؛ لما ذكَرْناه. فأمَّا الصَّغيرةُ التي لا يُوطَأُ مثلُها، فظاهِرُ كلامِ الْخِرَقِيِّ تَحْرِيمُ قُبْلَتِها ومُباشَرَتِها لِشَهْوَةٍ قبلَ اسْتِبْرائِها. وهو ظاهرُ كلام أحمدَ، في (٧) أكثرِ الرِّواياتِ عنه، قال: تُسْتَبْرَأُ، وإن كانتْ في المَهْدِ. ورُوِىَ عنه أنَّه قال: إن كانتْ صغيرةً بأىِّ شيءٍ تُسْتَبْرَأُ إذا كانت رَضِيعةً. وقال في رِوَايةٍ أُخْرَى: تُسْتَبْرَأُ بحيضةٍ إن (٨) كانتْ (٩) تَحِيضُ، وإلَّا بثلاثةِ أشْهُرٍ إن كانت ممَّن تُوطَأُ وتَحْبَلُ. فظاهرُ هذا أنَّه لا يَجِبُ اسْتِبْراؤُها، ولا تَحْرُمُ (١٠) مُباشَرَتُها. وهذا اخْتيارُ ابن (١١) أبي موسى، وقولُ مالكٍ، وهو الصحِيحُ؛ لأنَّ سَبَبَ الإِباحةِ مُتَحَقِّقٌ. وليس على تَحْريمِها دليلٌ، فإنَّه لا نَصَّ فيه، ولا مَعْنَى نَصٍّ؛ لأنَّ تَحْريمَ مُباشَرةِ الكبيرةِ إنَّما كان لكَوْنِه داعِيًا إلى الوَطْءِ المُحَرَّمِ، أو خَشْيةَ أن تكونَ أُمَّ وَلَدٍ لغيرِه، ولا يُتَوهَّمُ هذا في هذه، فوَجَبَ العملُ بمُقْتَضَى الإِباحةِ. فأما مَنْ يمْكِنُ وَطْؤُها، فلا تَحِلُّ قُبْلَتُها، ولا الاسْتِمتاعُ منها فيما (١٢) دُونَ الفَرْجِ قبلَ الاسْتِبْراءِ، إلَّا المَسْبِيَّةَ، على إحْدَى الرِّوايتَيْنِ. وقال الحسنُ: لا يَحْرُمُ من المُشْتَراةِ إلَّا فَرْجُها، وله أن يَسْتَمْتِعَ منها بما شاء، ما لم يمَسَّ؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إنَّما نَهَى عن الوَطْءِ، ولأنَّه تَحْرِيمٌ للوَطْءِ مع ثُبُوتِ المِلْكِ، فاخْتَصَّ بالفَرْجِ، كالحَيْض. ولَنا


(٧) في أ، م: "وفى".
(٨) في ب، م: "إذا".
(٩) في م زيادة: "ممن".
(١٠) في أ: "تحريم".
(١١) سقط من: ب، م.
(١٢) في أ، ب، م: "بما".

<<  <  ج: ص:  >  >>