للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه عند الضَّرُورةِ عَطاءٌ، والنَّخَعِيُّ، ومالكٌ، وأصْحابُ الرَّأْىِ؛ لما رَوَتْ أُمُّ حَكِيمٍ بنت أَسِيد (١٨)، عن أُمِّها، أنَّ زَوْجَها تُوُفِّىَ، وكانت تَشْتَكِى عَيْنَيْها، فتَكْتَحِلُ بالجِلاءِ، فأَرْسَلَتْ مَوْلاةً لها إلى أُمِّ سَلَمةَ، تَسْألُها عن كُحْلِ الجِلَاءِ، فقالت: لا تَكْتَحِلِى إلَّا لما لا (١٩) بُدَّ منه، يَشْتَدُّ عليك، فتَكْتَحِلِينَ بالليلِ، وتَغْسِلِينَه بالنهار. روَاه أبو داودَ، والنَّسَائِيُّ (٢٠). وإنَّما مُنِعَ من الكُحْلِ بالإِثْمِدِ، لأنَّه الذي تَحْصُلُ به الزِّينةُ، فأمَّا الكُحْلُ بالتُّوتِيَا (٢١) والعَنْزَرُوتِ (٢٢) ونحوهما، فلا بَأْسَ به؛ لأنَّه لا زِينَةَ فيه، بل يُقَبِّحُ العَيْنَ، ويَزِيدُها مَرَهًا (٢٣). ولا تُمْنَعُ من جَعْلِ الصَّبِرِ على غيرِ وَجْهِها من بَدَنِها؛ لأنَّه إنَّما مُنِعَ منه في الوَجْهِ لأنَّه يُصَفِّرُه، فيُشْبِهُ الخِضَابَ، ولهذا قال النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّهُ يَشِبُّ الوَجْهَ" ولا تُمْنَعُ من التَّنْظِيفِ بتَقْلِيمِ الأظْفارِ، ونَتْفِ الإِبْطِ، وحَلْقِ الشَّعَرِ المَنْدُوبِ إلى حَلْقِه، [ولا من] (٢٤) الاغْتِسالِ بالسِّدْرِ، والامْتِشاط به (٢٥)، لحديثِ أُمِّ سَلَمةَ، ولأنَّه يُرَادُ للتَّنْظِيفِ لا لِلطِّيبِ. القسم الثاني، زِينَةُ الثِّيابِ، فتَحْرُمُ عليها الثِّيابُ المُصَبَّغةُ للتَّحْسِينِ، كالمُعَصْفَرِ، والمُزَعْفَرِ، وسائرِ الأحْمَرِ، وسائرِ المُلَوَّنِ للتَّحْسينِ، كالأزْرَقِ الصافِى، والأخْضَرِ الصَّافِى، والأصْفَرِ، فلا يجوزُ لُبْسُه؛ لقولِ النَّبِيِّ: "لا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا" (٢٦). وقولُه: "لا تَلْبَسُ المُعَصْفَرَ مِنَ


(١٨) في النسخ: "أسد". وانظر: التخريج الآتى، والإكمال ١/ ٦٣.
(١٩) في الأصل، ب: "ما".
(٢٠) أخرجه أبو داود، في: باب فيما تجتنب المعتدة في عدتها، من كتاب الطلاق. سنن أبي داود ١/ ٥٣٨. وأخرجه النسائي، في: باب الرخصة للحادة أن تمتشط بالسدر، من كتاب الطلاق. المجتبى ٦/ ١٦٩، ١٧٠.
(٢١) التوتيا: تكون في المعادن، منها بيضاء، ومنها إلى الخضرة، ومها إلى الصفرة مشرب بحمرة، وهى جيدة لتقوية العين. الجامع لمفردات الأدوية ١/ ١٤٣ - ١٤٥.
(٢٢) العنزروت: هو الأنزروت، وهو صمغ شجرة تنبت في بلاد الفرس، شبيهة بالكندر، صغيرة الحصا، في طعمه مرارة، ولونه إلى الحمرة، تقطع الرطوبة السائلة في العين. الجامع لمفردات الأدوية ١/ ٦٣.
(٢٣) مرت العين: ابيضت حماليقها، أو فسدت لترك الكحل.
(٢٤) في الأصل: "ومن".
(٢٥) سقط من: أ.
(٢٦) تقدم تخريجه، في صفحة ١٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>