للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نِكاحُ أبي الطِّفْلِ المُرْتَضِعِ، ولا أخِيه، ولا عَمِّه، ولا خالِه، ولا يَحْرُمُ على زَوْجِها نِكاحُ أُمِّ الطِّفْلِ المُرْتَضِعِ، ولا أُخْتِه، ولا عَمَّتِه، ولا خالَتِه، ولا بأْسَ أن يتزَوَّجَ أوْلادُ المُرْضِعةِ، وأولادُ زَوْجِها، إخْوةَ الطِّفْلِ المُرْتَضِعِ وأخَواتِه. قال أحمدُ: لا بأس أن يتزَوَّجَ الرجلُ أُخْتَ أخيهِ (١٣) من الرَّضاعِ، ليس بينهما رَضاعٌ ولا نَسَبٌ، وإنَّما الرَّضَاعُ بين الجارِيةِ وأخيه (١٤). إذا ثبت هذا، فإنَّ من شَرْطِ تَحْريمِ الرَّضاعِ أن يكونَ في الحَوْلَيْنِ. وهذا قولُ أكثر أهلِ العلمِ، رُوِىَ نحوُ ذلك عن عمرَ، وعليٍّ (١٥)، وابنِ عمرَ، وابن مسعودٍ، وابنِ عباسٍ، وأبي هُرَيْرةَ. وأزْواجِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- سِوَى عائِشَةَ. وإليه ذَهَبَ الشَّعْبِيُّ، وابنُ شُبْرُمَةَ، والأَوْزَاعِيُّ، والشَّافعيُّ، وإسحاقُ، وأبو يوسفَ، ومحمدٌ، وأبو ثَوْرٍ، ورِوَاية عن مالكٍ، ورُوِىَ عنه، إن زادَ شَهْرًا جازَ، ورُوِىَ شَهْران. وقال أبو حنيفة: يُحَرِّمُ الرَّضاعُ في ثلاثينَ شَهْرًا؛ لقولِه سبحانه: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} (١٦). ولم يُرِدْ بالْحَمْلِ حَمْلَ الأحْشاءِ؛ لأنَّه يكونُ سَنَتَيْنِ فَعُلِمَ أنَّه أراد الحَمْلَ في الفِصَالِ. وقال زُفَرُ: مُدّةُ الرَّضاعِ ثَلاثُ سِنِين. وكانت عائشةُ تَرَى رَضاعةَ الكَبِيرِ تُحَرِّمُ. ويُرْوَى هذا عن عَطاءٍ، واللَّيْثِ، وداودَ؛ لما رُوِىَ أنَّ سَهْلةَ بنت سُهَيْلٍ قالتَ: يا رسولَ اللَّه، إنَّا كُنَّا نَرَى سالِمًا ولَدًا، فكان يَأْوِى مَعِى ومع أبي حذيفةَ في بيتٍ واحدٍ، ويَرَانِى فُضُلًا (١٧)، وقد أَنْزَلَ اللَّه فيهم ما قد عَلِمْتَ، فكيف تَرَى فيه؟ فقال النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَرْضِعِيه". فأرْضَعَتْه خَمْسَ رَضَعاتٍ، فكان بَمنْزِلةِ وَلَدِها. فبذلك كانت عائشةُ تَأْخُذُ، تأمرُ بناتَ أخَواتِها، وبناتَ إخْوَتها يُرْضِعْنَ مَنْ أحَبَّتْ عائشةُ أن يَرَاها، ويَدْخُلَ عليها، وإن كان كبيرًا خَمْسَ رَضْعاتٍ، وأبَتْ ذلك أُمُّ سَلَمةَ، وسائرُ أزْواجِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يَدْخُلَ عليهنَّ بتلك الرَّضاعةِ أحَدٌ من الناس، حتى يَرْضَعَ في


(١٣) في أ، ب، م: "أخته".
(١٤) في أ، ب، م: "وأخته".
(١٥) سقط من: م.
(١٦) سورة الأحقاف ١٥.
(١٧) أي متبذلة، في ثياب المهنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>