للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَهْدِ، وقُلْنَ لعائشةَ: واللهِ (١٨) ما نَدْرِى، لعَلَّها رُخْصةٌ من النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لسالمٍ دُون الناسِ. روَاه النَّسَائِيُّ، وأبو داودَ، وغيرُهما (١٩). ولَنا، قولُ اللَّه تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} (٢٠). فجعل تمامَ الرَّضاعةِ حَوْلَيْنِ، فيَدُلُّ على أنَّه لا حُكْمَ لها بعدَهما. وعن عائشةَ، أنَّ رسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- دَخَل عليها وعندَها رَجُلٌ، فتَغيَّرَ وَجْهُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقالت: يا رسولَ اللَّه، إنَّه أخِى مِن الرَّضَاعةِ. فقال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "انْظُرْنَ مَنْ إخْوَانُكُنَّ، فَإنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجاعَةِ". مُتَّفَقٌ عليه (٢١). وعن أُمِّ سَلَمةَ، قالت: قال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا يُحَرِّمُ مِن الرَّضَاعِ، إلَّا مَا فَتَقَ الْأمْعَاءَ، وكَانَ قَبْلَ الْفِطَامِ". أخْرَجَه التِّرْمِذِيُّ (٢٢)، وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. وعند هذا يتَعَيَّنُ حَمْلُ خَبَرِ أبي حُذَيْفةَ على أنَّه خاصٌّ له دُونَ الناسِ، كما قال سائرُ أزْواجِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. وقولُ أبي حنيفةَ، تَحَكُّمٌ يُخالِفُ ظاهِرَ الكِتابِ وقولَ الصحابةِ، فقد روَيْنا عن عليٍّ وابنِ عباسٍ، أنَّ المُرَادَ بالحَمْلِ حَمْلُ البَطْنِ. وبه اسْتَدَلَّ عليٌّ أنَّ أقَلَّ مُدَّةِ الحملِ سِتَّةُ أشْهُرٍ، وقد دَلَّ على هذا قولُ اللَّه تعالى: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} (٢٣). فلو حُمِلَ على ما قاله أبو حنيفةَ، لَكان مُخالِفًا لهذه


(١٨) لم يرد في: ب.
(١٩) تقدم تخريجه في: ٩/ ٤٩٢.
(٢٠) سورة البقرة ٢٣٣.
(٢١) أخرجه البخاري، في: باب الشهادة على الأنساب، من كتاب الشهادات، وفى: باب من قال: لا رضاع بعد حولين، من كتاب النكاح، صحيح البخاري ٣/ ٢٢٣، ٧/ ١٢. ومسلم، في: باب إنما الرضاعة من المجاعة، من كتاب الرضاع. صحيح مسلم ٢/ ١٠٧٨.
كما أخرجه النسائي، في: باب القدر الذي يحرم من الرضاعة، من كتاب النكاح. المجتبى ٦/ ٨٤. والدارمى، في: باب في رضاعة الكبير، من كتاب النكاح. سنن الدارمي ٢/ ١٥٨.
(٢٢) في: باب ما جاء ما ذكر أن الرضاعة لا تحرم إلَّا في الصغر دون الحولين، من أبواب الرضاع. عارضة الأحوذى ٥/ ٩٧.
كما أخرجه ابن ماجه، في: باب لا رضاع بعد فصال، من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه ١/ ٦٢٦.
(٢٣) سورة لقمان ١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>