للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآيةِ. إذا ثَبَتَ هذا، فالاعْتبارُ بالعامَيْنِ لا بالفِطَامِ، فلو فُطِمَ قبلَ الحَوْلَيْنِ، ثم ارْتَضَعَ فيهما، لَحَصَلَ التَّحْريمُ، ولو لم يُفْطَمْ حتى تجاوَزَ الحَوْلينِ، ثم ارْتَضَع بعدَهما قبلَ الفِطامِ. لم يَثْبُتِ التَّحْرِيمُ. وقال ابنُ القاسمِ، صاحبُ مالكٍ: لو ارْتَضَعَ بعدَ الفِطامِ في الحَوْلَيْنِ، لم تُحَرِّمْ (٢٤)؛ لقولِه عليه السلام: "وَكَانَ قَبْلَ الْفِطَامِ". ولَنا، قولُ اللَّه تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ}. ورُوِىَ عنه عليه السلام: "لَا رَضاعَ إلَّا مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ" (٢٥). والفِطامُ مُعْتَبَرٌ بمُدَّتِه لا بِنَفْسِه، قال أبو الخَطَّاب: لو ارْتَضَعَ بعَد الحَوْلَينِ بساعةٍ، لم يُحَرِّمْ. وقال القاضي: لو شَرَعَ في الخامسةِ، فحالَ الحَوْلُ قبلَ كَمالِها، لم يَثْبُتِ التَّحْريمُ. ولا يَصِحُّ هذا؛ لأنَّ ما وُجِدَ من الرَّضْعةِ في الحَوْلَيْنِ كافٍ في التَّحْريمِ، بدَلِيلِ ما لو انْفَصَلَ ممَّا بعدَه، فلا يَنْبَغِى أن يَسْقُطَ حكمٌ بإيصالِ (٢٦) ما لا أثَرَ له به. واشْتَرطَ (٢٧) الخِرَقِيُّ في نَشْرِ الحُرْمةِ بينَ المُرْتَضعِ وبين الرَّجُلِ الذي ثابَ اللَّبَنُ بوَطْئِه، أن يكونَ لبنَ حَمْلٍ يَنْتَسِبُ (٢٨) إلى الواطئ، إمَّا لكَوْنِ الوَطْءِ في نكاحٍ أو مِلْكِ يمينٍ، أو بِشُبْهةٍ (٢٩)، فأمَّا لَبَنُ الزَّانِى أو النَّافِى للوَلَدِ باللِّعانِ، فلا يَنْشُرُ الحُرْمةَ بينهما، في مَفْهومِ كلامِ الْخِرَقِيِّ. وهو قولُ أبي عبدِ اللَّه ابن حامدٍ، ومذهبُ الشافعيِّ. وقال أبو بكرٍ عبدُ العزيز: تَنْتَشِرُ الحُرْمةُ بينهما؛ لأنَّه مَعْنًى يَنْشُرُ الحُرْمةَ، فاسْتَوَى في ذلك مُباحُه ومَحْظُورُه (٣٠)، كالوَطْءِ، يُحَقِّقُه أنَّ الواطئَ حَصَلَ منه لَبَنٌ ووَلَدٌ، ثم إنَّ الوَلَدَ يَنْشُرُ الحُرْمةَ بينه وبينَ الواطئِ، كذلك اللَّبَنُ، ولأنَّه رَضَاعٌ ينْشُرُ الحُرْمةَ إلى المُرْضِعةِ، فنَشَرها إلى الواطئِ، كصُورَةِ


(٢٤) في م زيادة: "عليه".
(٢٥) أخرجه الدارقطني، في: كتاب الرضاع. سنن الدارقطني ٤/ ١٧٤. وابن عدى، في: الكامل ٧/ ٢٥٦٢.
(٢٦) في ب: "باتصال".
(٢٧) في أ: "واشتراط".
(٢٨) في الأصل: "ينسب".
(٢٩) في أ، م: "شبهة".
(٣٠) في أ، م: "ومحظور".

<<  <  ج: ص:  >  >>