للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالاتِّباعِ من قولِهما. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه تَلْزَمُه الغُرَّةُ، فإن أراد دَفْعَ بَدَلِها، ورَضِىَ المَدْفُوعُ إليه، جاز؛ لأنَّه حَقُّ آدَمِىٍّ، فجازَ ما تَراضَيا عليه، وأيُّهما امْتَنَعَ من قَبُولِ البَدَلِ، فله ذلك؛ لأنَّ الحَقَّ فيها، فلا يُقْبَلُ بَدَلُها إلَّا برِضَاهما. وتَجِبُ الغرةُ سليمةً (٣٥) من العُيُوبِ، وإن قَلَّ العَيْبُ؛ لأنَّه حَيَوانٌ وجَبَ بالشَّرْعِ، فلم يُقْبَلْ فيه المَعِيبُ، كالشَّاةِ في الزَّكاةِ، ولأنَّ الغُرَّةَ الخِيارُ، والمَعِيبُ ليس من الخِيارِ. ولا يُقْبَلُ فيها هَرِمَةٌ، ولا ضَعِيفةٌ، ولا خُنْثَى، ولا خَصِىٌّ، وإن كَثُرَتْ قِيمَتُه؛ لأنَّ ذلك عَيْبٌ. ولا يتَقَدّرُ سِنُّها (٣٦)، في ظاهرِ كلامِ الْخِرَقِىِّ. وهو قولُ أبى حنيفةَ. وقال القاضي، وأبو الخَطَّابِ، وأصْحابُ الشافعىِّ: لا يُقْبَلُ فيها مَن له دُونَ سَبْعِ سِنِينَ؛ لأنَّه يَحْتاجُ إلى من يَكْفُلُه (٣٧) ويَحْضُنُه، وليس من الخِيارِ. وذكَرَ بعضُ أصحابِ الشافعىِّ، أنَّه لا يُقْبَلُ فيها غُلَامٌ بَلَغَ خَمْسَةَ عَشَرَ سَنةً؛ لأنَّه لا يَدْخُلُ على النِّساءِ، ولا ابْنَةُ عِشْرِينَ؛ لأنَّها تتَغَيّرُ. وهذا تَحَكُّمٌ لم يَرِدِ الشَّرْعُ به، فيجبُ أن لا يُقْبَلَ. وما ذكَرُوه من الحاجَةِ إلى الكَفالةِ باطِلٌ بمَن له فَوْقَ السَّبْعِ، ولأنَّ بُلُوغَه قِيمَةَ الكَبِيرِ مع صِغَرِه، يَدُلُّ على أنَّه خِيارٌ، ولم يَشْهَدْ لما ذكَرُوه نَصٌّ، ولا له نَظِيرٌ يُقاسُ عليه، والشَّابُّ البالِغُ أكْمَلُ من الصَّبِىِّ عَقْلًا وبِنْيةً، وأَقْدَرُ على التَّصرُّفِ، وأنْفَعُ [في الخِدْمةِ] (٣٨)، وقَضاءِ الحاجةِ، وكَوْنُه لا يَدْخُلُ على النساءِ، إن (٣٩) أُرِيدَ به النِّساءُ الأجْنَبِيَّاتُ، فلا (٤٠) حاجة إلى دُخُولِه عليهِنَّ، وإن أُرِيدَ به سَيِّدَتُه، فليس بصَحِيحٍ، فإنَّ اللهَ تعالى قال: {لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ} إلى قوله: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ} (٤١). ثم لو لم يَدْخُلْ على النِّساءِ،


(٣٥) في ب، م: "سالمة".
(٣٦) في م: "منها". تحريف.
(٣٧) في ب، م زيادة: "له".
(٣٨) في ب: "للخدمة".
(٣٩) سقط من: الأصل.
(٤٠) في م: "بلا".
(٤١) سورة النور ٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>