للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقْتُلْه هذا. فقال عمرُ: إن كان قد قتلَ نفسًا فقد أَحْيَى نَفْسًا. ودَرأَ عنه القِصاصَ (٣٧). ولأنَّ الدَّعْوَى على الأوَّلِ شُبْهَةٌ في دَرْءِ القِصاصِ عن الثاني، وتجبُ الدِّيةُ عليه؛ لإِقْرارِه بالقَتْلِ المُوجِبِ لها. وهذا القولُ أصَحُّ وأعدلُ، مع شَهادةِ الأثَرِ بصِحَّتِه.

الفصلُ الثالثُ: أنَّ الأوْلياءَ إذَا ادَّعَوُا القتلَ على مَن بينَه وبينَ القتيلِ لَوْثٌ، شُرِعَتِ اليَمينُ في حقِّ المُدَّعِين أوَّلًا، فَيَحْلِفُونَ خمسين يَمِينًا على المُدَّعَى عليه أنَّه قَتَلَه، وثَبتَ حقُّهم قِبَلَه، فإنْ لم يحلِفُوا، استُحْلِفَ المُدَّعَى عليه خمسين يَمِينًا، وبُرِّئَ. وبهذا قال يحيى بنُ سعيد، ورَبِيعةُ، وأبو الزِّنادِ، واللَّيْثُ (٣٨)، ومالكٌ، والشافعيُّ. وقال الحسنُ: يُسْتَحْلَفُ المُدَّعَى علهم أوَّلًا خمسين يَمِينًا، ويُبَرَّءُونَ. فإنْ أَبَوا أن يَحْلِفُوا، استُحْلِفَ خمسون من المُدَّعِين، أنَّ حَقَّنا قِبَلَكم، ثم يُعْطَوْن الدِّيَةَ؛ لقولِ النَّبِي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ". روَاه مسلمٌ (٣٩). وفي لفظٍ: "الْبَيِّنَةُ علَى المُدَّعِى، واليَمِينُ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ". روَاه الشافعيُّ، في "مُسْنَدِه" (٤٠). ورَوى أبو داودَ (٤١)، بإسْنادِه عن سليمانَ بنِ يَسارٍ، عن رجالٍ من الأنصار، أنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال ليَهُود (٤٢)، وبدأَ بهم: "يَحْلِفُ مِنْكُمْ خَمْسُونَ رَجُلًا". فَأَبَوا، فقال للأنْصارِ: "اسْتَحِقُّوا" قالوا: نَحْلِفُ على الغَيْبِ يا رسولَ اللهِ. فجعَلَها رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- على اليَهُودِ؛ لأنَّه وُجِدَ بينَ أظْهُرِهم؛ ولأنَّها يَمِينٌ في دَعْوَى، فوجَبَتْ في جانبِ المُدَّعَى عليه ابتداءً كسائرِ الدَّعاوَى. وقال الشَّعْبِيُّ، والنَّخَعيُّ، والثَّوْريُّ، وأصْحابُ الرَّأْيِ: يُسْتَحْلَفُ خمسون رجلًا من أهْلِ المَحَلَّةِ التي وُجِدَ فيها القتيلُ، باللهِ ما قَتَلْنَاه، ولا عَلِمْنا


(٣٧) لم نجده فيما بين أيدينا.
(٣٨) سقط من: ب، م.
(٣٩) تقدم تخريجه، في: ٦/ ٥٢٥.
(٤٠) تقدم تخريجه، في: ١٠/ ٥٣٠. وهو عند الشافعي في مسنده. انظر. ترتيب مسند الشافعي ٢/ ١٨١.
(٤١) في: باب في ترك القود بالقسامة، من كتاب الديات. سنن أبي داود ٢/ ٤٨٧.
(٤٢) في ب، م: "لليهود".

<<  <  ج: ص:  >  >>