للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قاتلًا، ويُغَرَّمون الدِّيَةَ؛ لقَضاءِ عمرَ، رَضِيَ اللهُ عنه، بذلك (٤٣). ولم نَعْرفْ له في الصحابةِ مُخالِفًا، فكان إجْماعًا. وتكَلَّمُوا في حديثِ سهلٍ بما روَى أبو داودَ (٤٤)، عن محمدِ بن إبراهيم بن الحارثِ التَّيْمِيِّ، عن عبد الرحمن بن (٤٥) بُجَيْدِ (٤٦) ابن قَيْظِيِّ (٤٧)، أحدِ بني حارثةَ؛ قال محمدُ بن إبراهيم: وأيمُ اللهِ، ما كان سَهْلٌ بأعْلمَ منه، ولكنَّه كانَ أسنَّ منه، قال: واللهِ ما قالَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "احْلِفُوا على ما لا عِلْمَ لَكم به"، ولكنَّه كتبَ إلى يهود حينَ كلَّمتْه الأنصارُ: "إنَّه وُجِدَ بَيْنَ أبْيَاتِكُمْ قَتِيلٌ فَدُوهُ". فكتَبُوا يحْلِفُون باللهِ ما قتَلُوه، ولا يَعْلَمُون له قاتلًا، فوَدَاه رُسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من عِنْدِه. ولَنا، حديثُ سهلٍ (٤٨)، وهو صحيحٌ مُتَّفَقٌ عليه، ورَواه مالكٌ، في "مُوَطإِهِ"، وعَمِلَ به. وما عارضَه من الحديثِ لا يصحُّ لوُجوهٍ؛ أحدُها، أنَّه نَفْيٌ، فلَا يُرَدُّ بِه قولُ المُثْبِتِ. والثاني، أنَّ سَهْلًا من أصحابِ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، شاهدَ القِصَّةَ، وعَرَفَها، حتى إنَّه قال: ركَضَتْني ناقةٌ من تلكَ الإِبلِ. والآخَرَ يقولُ برأْيِه وظَنِّهِ، من غيرِ أن يَرْوِيَه عن أحَدٍ، ولا حضرَ القِصَّةَ. والثالثُ، أنَّ حديثَنا مُخرجٌ في الصَّحِيحَيْن، مُتَّفَقٌ عليه، وحديثُهم بخلافِه. الرابعُ، أنَّهم لا يعْمَلُون بحديثِهم، ولا حَديثِنا، فكيف يحْتَجُّونَ بما هو حُجَّةٌ عليهم فيما خالَفُوه فيه! وحديثُ سليمانَ بنِ يسارٍ، عن رجالٍ من الأنْصارِ، ولم يذكُرْ لهم صُحْبةً، فهو أدْنَى حالًا (٤٩) من حديثِ محمدِ بن إبراهيم، وقد خالفَ الحديثَيْن جميعًا، فكيفَ يجوزُ أنْ يُعْتَمدَ عليه! وحديثُ: "الْيَمينُ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ". لم تُرَدْ به هذه القضِيَّةُ (٥٠)؛ لأنَّه يدُلُّ على أنَّ الناسَ لا يُعْطَوْن بدَعْوَاهم،


(٤٣) تقدم تخريجه، في صفحة ١٨٩.
(٤٤) في: باب في ترك القود بالقسامة، من كتاب الديات. سنن أبي داود ٢/ ٤٨٦، ٤٨٧.
(٤٥) سقط من: م.
(٤٦) في م: "ونجيد".
(٤٧) في النسخ: "قبطى". وهو عبد الرحمن بن بجيد بن وهب بن قيظى. انظر: التهذيب ٦/ ١٤٢.
(٤٨) تقدم تخريجه، في، صفحة ١٨٨.
(٤٩) في ب، م: "لهم".
(٥٠) في ب، م: "القصة".

<<  <  ج: ص:  >  >>