للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الثَّيِّبُ بالثَّيِّبِ الجَلْدُ والرَّجْمُ". والثِّيَابَةُ تَحْصُلُ بالوَطْءِ في القُبُلِ، فوَجَبَ اعتبارُه. ولا خِلَافَ في أنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ الخالِى عن الوَطْءِ، لا يَحْصُلُ به إحْصَانٌ؛ سواءٌ حَصَلَتْ فيه خَلْوَةٌ، أو وَطْءٌ فيما دونَ الفرجِ، أو في الدُّبُرِ، أَو لَم يحصُلْ شيءٌ من ذلك؛ لأنَّ هذا لا تَصِيرُ به المرأةُ ثَيِّبًا، ولا تَخْرُجُ به عن حَدِّ الأبْكارِ، الِذينَ حَدُّهم جَلْدُ مائةٍ وتَغْرِيبُ عامٍ، بمُقْتضَى الخَبَرِ. ولا بُدَّ من أنْ يكونَ وَطْئًا حَصَلَ به تَغْيِيبُ الحَشَفَةِ في الفَرْجِ؛ لأنَّ ذلك حَدُّ الوَطْءِ الذي يتعلَّقُ به أحْكامُ الوَطْءِ. الثاني، أن يكونَ في (٢٧) نكاحٍ؛ لأنَّ النِّكَاحَ يُسَمَّى إحْصانًا؛ بدليلِ قول اللَّه تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} (٢٨). يعني المُتزَوِّجاتِ. ولا خلافَ بينَ أهلِ العلمِ، في أنَّ الزِّنَى، ووَطْءَ الشُّبْهةِ، لا يَصِيرُ به الواطىءُ مُحْصَنًا. ولا نَعْلمُ خلافًا في أنَّ التَّسَرِّىَ لا يحْصُلُ به الإِحْصانُ لواحدٍ منهما؛ لكَوْنِه ليس بنكاحٍ ولا تثْبُتُ فيه أحْكامُه. الثالث، أن يكونَ النِّكَاحُ صحيحًا. وهذا قولُ أكثرِ أهلِ العلمِ؛ منهم عَطاءٌ، وقَتادَةُ، ومالِكٌ، والشَّافِعِىُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وقالَ أبو ثَوْر: يحْصُلُ الإِحْصانُ بالوَطْءِ في نكاحٍ فاسِدٍ. وحُكِىَ ذلك عن اللَّيثِ، والأوْزَاعِىِّ؛ لأنَّ الصحيحَ والفاسِدَ سواءٌ في أكثرِ الأحكامِ، مثل وُجوب المَهْرِ والعِدَّةِ، وتَحْريمِ الرَّبِيبَةِ وأمِّ المرأةِ، ولَحاقِ/ الولدِ، فكَذلك في الإِحْصانِ. ولَنا، أنَّه وَطْءٌ في غيرِ مِلْكٍ. فلم يحْصُلْ به الإِحصانُ، كوَطْءِ الشُّبْهةِ، ولا نُسَلِّمُ ثُبوتَ (٢٩) ما ذكرُوه من الأحْكامِ، وإنَّما [ثَبَتَتْ بالوَطْءِ] (٣٠) فيه، وهذه (٣١) ثبتَتْ في كلِّ وَطْءٍ، وليستْ مُخْتصَّةً بالنكاحِ، [إلَّا أنَّ النِّكاحَ] (٣٢) ههُنا صارَ شُبْهةً، فصارَ الوَطْءُ فيه كوَطْءِ الشُّبْهةِ سَواءً. الرابع، الحُرِّيَّةُ، وهى شَرْطٌ في قولِ


(٢٧) سقط من: الأصل، م.
(٢٨) سورة النساء ٢٤.
(٢٩) في م: "ثيوب" تصحيف.
(٣٠) في ب: "ثبت الوطء".
(٣١) في ب: "وهذا".
(٣٢) سقط من: الأصل. نقل نظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>