للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنَّما هو الرَّجْمُ. وعن سعيدٍ بنِ المُسَيَّبِ، عن عمرَ، في أَمَةٍ بينَ رَجُلَيْنِ، وَطِئَها أحدُهما: يُجْلَدُ الحَدَّ إلَّا سَوْطًا واحدًا (٩). روَاه الأثرمُ. واحتجَّ به أحمدُ. قال القاضي: هذا عندِى من نَصِّ أحمدَ لا يقْتَضِى اختلَافًا في التَّعْزِيرِ، بل المذهبُ أنَّه لا يُزَادُ على عَشْرِ جَلَداتٍ، اتِّباعًا للأثرِ، إلَّا في وَطْءِ جاريةِ امرأتِه؛ لحديثِ النُّعْمَانِ، وفى الجاريةِ المشتركَةِ؛ لحديثِ عمرَ، وما عدَاهما يَبْقَى على العمومِ؛ لحديثِ أبى بُرْدَةَ. وهذا قولٌ حَسَنٌ. وإذا ثَبَتَ تقديرُ أكْثَرِه (١٠)، فليسَ أقلُّه مُقَدَّرًا؛ لأنَّه لو تَقَدَّرَ، لَكان حَدًّا، ولأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَدَّرَ أكثرَه، ولم يُقَدرْ أقلَّه، فيُرْجَعُ فيه إلى اجْتهادِ الإِمامِ فيما يَراهُ، وما يقْتَضِيه حالُ الشَّخْصِ. وقال مالِكٌ: يجوزُ أن يُزَادَ التَّعْزِيرُ على الحَدِّ، إذا رَأَى الإِمامُ؛ لِمَا رُوِىَ أنَّ مَعْنَ بنَ زائدَة، عَمِلَ خاتَمًا على نَقْشِ خاتَمِ بيتِ المالِ، ثم جاءَ به صاحبَ بيتِ المالِ، فأخذَ منه مالًا، فبلغَ عمرَ، رَضِىَ اللَّه عنه، فضربَه مائةً، وحَبَسَهُ، وكُلِّمَ (١١) فيه، فضربَه مائةً أُخْرَى، فكُلِّم فيه من بَعْدُ، فضربَه مائةً ونَفاهُ (١٢). وروَى أحمدُ، بإسْنادِه، أنَّ عَليًّا أُتِىَ بالنَّجَاشِىِّ قد شَرِبَ خمرا في رمَضانَ، فجلدَه ثمانين الحَدَّ، وعشرين سَوْطًا لفِطْرِه في رمضانَ (١٣). ورُوِى أنَّ أبا الأسْودِ اسْتخْلفَه ابنُ عباسٍ على قضاءِ البصرةِ، فأُتِىَ بسارقٍ قد كان جمعَ المتاعَ في البيتِ، ولم يُخْرِجْه، فقال أبو الأسْوَدِ: أعْجَلْتُمُوه المِسْكينَ. فضربَه خمسةً وعشرين سَوْطًا، وخَلَّى سبيلَه (١٤).


(٩) أخرجه عبد الرزاق، في: باب الأمة فيها شركاء يصيبها بعضهم، من كتاب الطلاق. المصنف ٧/ ٣٥٨. وسعيد بن منصور، في: باب الأمة تكون بين الرجلين يصيبها أحدهما، من كتاب الطلاق. السنن ٢/ ٥٧. وابن أبي شيبة، في: باب في الجارية تكون بين الرجلين. . ., من كتاب الحدود. المصنف ١٠/ ٩.
(١٠) في ب، م: "أكثر".
(١١) في ب، م: "فكلم".
(١٢) لم نجده فيما بين أيدينا. ومعن بن زائدة من أجواد العرب، أدرك العصرين الأموى والعباسى، فكيف يدرك عمر رضى اللَّه عنه! انظر: وفيات الأعيان ٥/ ٢٤٤.
(١٣) أخرجه الطحاوي، في: باب بيان مشكل ما روى عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من قوله: "لا يجلد فوق عشر جلدات. . .". مشكل الآثار ٣/ ١٦٨.
(١٤) أخرجه ابن أبي شيبة، في: باب في السارق يؤخذ قبل أن يخرج من البيت بالمتاع، من كتاب الحدود. المصنف ٩/ ٤٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>