للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإِحْرَامِ، ويَكونُ ابْتِدَاءُ رَفْعِه عند ابْتِدَاءِ تَكْبِيرِه، وانْتِهَاؤُه عند انْتِهَائِه. وبهذا قال ابنُ عمر، وابنُ عباس، وجابِرٌ، وَأَبو هُرَيْرةَ، وابنُ الزُّبَيْرِ، وأنسٌ، والحسنُ، وعطاءٌ، وطَاوُس، ومُجَاهِدٌ، وسَالِم، وسعيدُ بنُ جُبَيْر، وغيرُهم مِن التَّابعين، وهو مذهبُ ابنِ المبارَكِ، والشَّافعىِّ، وإسحاقَ، ومالكٍ في إحْدَى الرِّوَايتيْن عنه. وقال الثَّوْرِىُّ، وأبو حنيفَة: لا يَرْفَعُ يديه إلَّا في الافْتِتَاحِ، وهو قَوْلُ إِبراهِيمَ النَّخَعِىِّ؛ لِما رُوِىَ عن عبدِ اللَّه بنِ مسعود، أنَّه قال: أَلَا أُصَلِّى بكم (١) صلاةَ رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-. فصلَّى، فلم يَرْفَعْ يدَيْه إلَّا في أوَّلِ مَرَّةٍ (٢). قال التِّرمِذِىُّ: حديثُ ابنِ مسعُودٍ حسنٌ. رَوَى يَزِيدُ بنُ زِيَادٍ، عن ابنِ أبي لَيْلَى، عن البَراءِ بنِ عَازِب، أنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يَرْفَعُ يديْه إذا افْتَتَحَ الصلاةَ، ثم لا يَعُودُ (٣). قالُوا وَالعَملُ بهذيْن الحديثَيْن أوْلَى. لِأنَّ ابنَ مسعودٍ كانَ فَقِيهًا، ملازِمًا لرسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، عَالِمًا بِأحوالِه، وباطِنِ أمْرِه وظَاهِرِهِ، فتُقَدَّمُ روايَتُه على روايَةِ مَن لم يكن حالُه كحالِه. قال إبراهِيمُ النَّخَعِىُّ لِرَجُلٍ رَوَى حدِيثَ وَائِلِ بنِ حُجْر (٤): لعل وائِلًا لم يُصَلِّ مع النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلَّا تلك الصَّلاةَ. فتَرَى أنْ نَتْرُكَ رِوَايَةَ عبدِ اللهِ، الذي لعلَّه لم يَفُتْه مع النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- صَلاةٌ، ونَأْخُذَ بِرِوايةِ هذا. أو كما قال. ولَنا، ما رَوَى الزُّهْرِىُّ، عن سالمٍ، عن أبيه، قال: رأيتُ رسولَ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا اسْتَفْتَحَ الصَّلاةَ رَفَعَ يدَيْه حتى يُحَاذِىَ (٥) مَنْكِبَيْه، وإذا أرادَ أنْ يرْكَع وبعدَ ما يَرْفَعُ رأْسَه مِن الرُّكُوعِ، ولا يَفْعَلُ ذلكَ في السُّجودِ (٦). قال البُخارِىُّ: قال علىّ بن الْمَدِينِىِّ - وكان أعْلَمَ أهلِ


(١) في م: "لكم".
(٢) أخرجه أبو داود، في: باب من لم يذكر الرفع عند الركوع، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود ١/ ١٧٣. والترمذي، في: باب ما جاء في رفع اليدين عند الركوع، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى ٢/ ٥٨. والنسائي، في: باب التجافى في الركوع، وباب الرخصة في ترك رفع اليدين. . . إلخ، من كتاب التطبيق. المجتبى ٢/ ١٤٦، ١٥٣. والإِمام أحمد، في: المسند ١/ ٣٨٨.
(٣) أخرجه أبو داود، في: باب من لم يذكر الرفع عند الركوع، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود ١/ ١٧٣. والإِمام أحمد، في: المسند ٤/ ٢٨٢، ٣٠١.
(٤) تقدم في صفحة ١٣٧.
(٥) في م زيادة: "بهما".
(٦) أخرجه البخاري، في: باب رفع اليدين في التكبيرة الأولى مع الافتتاح سواء، وباب رفع اليدين إذا كبر =

<<  <  ج: ص:  >  >>