للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سعيدٌ (١١)، عن يَزِيدَ بنِ هَارُون، أنَّ نَجْدَةَ كتبَ إلى ابن عبَّاسٍ، يسألُه عن المرأةِ والمملوكِ يحضُران الفَتْحَ، ألَهُما من المَغْنَمِ شىء؟ قال يُحْذَيانِ، وليس لهما شىءٌ. وفى رِوايةٍ قال: ليس لهما سهمٌ، وقد يُرْضَخُ لهما. وعن عُمَيْرٍ مولَى آبِى اللَّحْمِ، قال: شهدْتُ خَيْبَرَ مع سادَتِى، فكلَّمُوا فِىَّ رسولَ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فأُخْبِرَ أنِّى مملوكٌ، فأمرَ لى بشىءٍ من خُرْثِىِّ الْمَتاعِ. روَاه أبو داود (١٢). واحْتَجَّ به أحمد، ولأنَّهما ليسا (١٣) من أهلِ القتالِ، فلم يُسْهَمْ لهما، كالصَّبِىِّ. قالت عائِشَةُ: يا رسولَ اللَّه، هل على النِّساءِ جِهادٌ؟ قال: "نَعَمْ، جِهَادٌ لا قِتَالَ فِيهِ، الحَجُّ، والعُمْرَةُ" (١٤).

وقال عمرُ بن أبى رَبِيعة (١٥):

كُتِبَ القَتْلُ والقِتَالُ عَلَيْنَا ... وعلى المُحْصَناتِ جَرُّ الذُّيُولِ

ولأنَّ المرأَةَ ضعيفةٌ، يسْتَوْلِى عليها الخَوَرُ، فلا تَصْلُحُ للقتالِ، ولهذا لم تُقْتَلْ إذا كانت حَرْبِيَّةً. فأمَّا ما رُوِى فى إِسْهام النِّساءِ، فيَحْتَمِلُ أنَّ الرَّاوِىَ سَمَّى الرَّضْخَ سَهْمًا، بدليلِ أنَّ فى حديثِ حَشْرَجٍ، أنَّه جَعَلَ لهُنَّ نَصِيبًا تَمْرًا. ولو كان سَهْمًا، ما اخْتَصَّ التَّمْرَ، ولأَنَّ خَيْبَرَ قُسِمَتْ على أهلِ الحُدَيْبِيَةِ، نَفَرٍ مَعْدُودِين فى غيرِ حَدِيثِها، ولم يُذْكَرْنَ منهم. ويَحْتَمِلُ أنَّه أَسْهَمَ لَهُنَّ مثلَ سَهْمِ (١٦) الرِّجالِ من التَّمْرِ خاصَّةً، أو من المَتاعِ دونَ الأرْضِ. وأمَّا حديثُ سَهْلَةَ، فإنَّ فى الحديثِ أَنَّها وَلَدَتْ، فأعْطاها النَّبىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لها ولوَلدِها، فبلَغَ رَضْخُهما سَهْمَ رجلٍ، ولذلك عَجِبَ الرَّجُلُ الذى قالَ: أُعْطِيَتْ سَهْلةُ مثلَ سَهْمِى. ولو كان هذا مَشْهورًا من فِعْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ما عَجِبَ منه.


(١١) فى: باب العبد والمرأة يحضران الفتح، من كتاب الجهاد. السنن ٢/ ٢٨٣.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب فى المرأة والعبد يحذيان من الغنيمة، من كتاب الجهاد. سنن أبي داود ٢/ ٦٨.
(١٢) فى: باب فى المرأة والعبد يحذيان من الغنيمة، من كتاب الجهاد. سنن أبي داود ٢/ ٦٨.
كما أخرجه الترمذى، فى: باب هل يسهم للعبد؟ ، من أبواب السِّيَر. عارضة الأحوذى ٧/ ٤٧. وابن ماجه، فى: باب العبيد والنساء يشهدون مع المسلمين، من كتاب الجهاد. سنن ابن ماجه ٢/ ٩٥٢.
(١٣) فى م: "ليس".
(١٤) تقدَّم تخريجه فى صفحة ٩.
(١٥) ديوانه ٤٩٨.
(١٦) فى م: "سهام".

<<  <  ج: ص:  >  >>