للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَوَى أبو داوُدَ (١١)، بإسْنادِه عن يَعْلَى بنِ مُنْيَةَ (١٢)، قال: أذَّنَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالغَزْوِ، وأنا شيخٌ كبيرٌ، ليس لى خادِمٌ، فالْتَمَسْتُ أجيرًا يكْفِينِى، وأُجْرِى له سَهْمَه، فوَجَدْتُ رجلًا، فلما دَنَا الرَّحِيلُ، قال: ما أَدْرِى ما السُّهْمانُ وما يَبْلُغ سَهْمِى، فَسَمِّ لى شيئًا كان السَّهْم أو لم يَكُنْ. فسَمَّيْتُ له ثلاثَةَ دنانيرَ، فلمَّا حضَرَتْ غَنِيمةٌ أَرَدْتُ أَنْ أُجْرِىَ له سَهْمَه، فذَكَرْتُ الدَّنانِيرَ، فجِئْتُ إلى (١٣) النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَذَكَرْتُ له أمْرَه، فقال: "مَا أَجِدُ لَهُ فِى غَزْوَتِهِ [هذِهِ فِى] (١٤) الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إلَّا دَنانِيرَهُ الَّتِى سَمَّى". ويَحْتَمِلُ أَنْ يُسْهَمَ له. وهو اخْتيارُ الخَلَّالِ. قال: ورَوَى جماعةٌ عن أحمدَ، أَنَّ للأَجِيرِ السَّهْمَ إذا قاتَلَ. ورَوَى عنه جماعةٌ، أَنَّ كُلَّ مَنْ شَهِدَ القتالَ فلَه السَّهْمُ. قال: وهذا الذى (١٥) أعْتمِدُ عليه من قَولِ أبى عبد اللَّه. وَوَجْهُ ذلك، ما تَقَدَّمَ من حَدِيثِ عبدِ اللَّه بن عمْرٍو، وحَدِيثِ جُبَيْرِ بن نُفيْرٍ، وقولِ عمرَ: الغَنِيمَةُ لِمَنْ شَهِدَ الوَقْعَةَ (١٦). ولأَنَّه حاضِرٌ للوَقْعَةِ من أهلِ القتالِ، فيُسْهَمُ له كغيرِ الأجيرِ. فأمَّا الذين يُعْطَوْنَ من حَقِّهِم من الفَىْءِ، فلهم سِهامُهم. لأنَّ ذلك حَقٌّ جَعَلَه اللَّهُ له (١٧) ليَغْزُوَ، لا أنَّه عِوَضٌ عن جِهادِه، بل نَفْعُ جهادِه له لا لغيرِه. وكذلك مَنْ يُعْطَوْنَ من الصَّدَقاتِ، وهم الذين إذا نَشِطُوا للغَزْو أُعْطُوا، فإنَّهم يُعْطوْنَ مَعُونةً لهم، لا عِوَضًا، ولذلك إذا دفَع (١٨) إلى الغزاةِ ما (١٩) يَتَقَوَّوْنَ به، ويَسْتَعِينُون به، كان له فيه الثَّوابُ، ولم يكن عِوَضًا. قال النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا، كَانَ لَهُ مِثْلُ أجْرِهِ" (٢٠).


(١١) فى: باب الرجل يغزو بأجر الخدمة، من كتاب الجهاد. سنن أبى داود ٢/ ١٦. والبيهقى، فى: باب من استأجر إنسانا للخدمة فى الغزو، من كتاب السير. السنن الكبرى ٩/ ٢٩.
(١٢) فى الأصل، أ، م: "منبه" تصحيف. وفى ب: "أمية"، وهو أبوه، وورد فى بعض نسخ سنن أبى داود. انظر: عون المعبود ٢/ ٣٢٣.
(١٣) سقط من: الأصل، أ، ب.
(١٤) فى م: "فى هذه".
(١٥) سقط من: أ، ب.
(١٦) تقدم تخريجه، فى صفحة ٨٤.
(١٧) فى الأصل، أ، م: "لهم".
(١٨) فى الأصل، ب: "دافع".
(١٩) سقط من: م.
(٢٠) أخرجه البخارى، فى: باب فضل من جهز غازيًا. . .، من كتاب الجهاد. صحيح البخارى ٤/ ٣٢، ٣٣. ومسلم، فى: باب فضل إعانة الغازى فى سبيل اللَّه، من كتاب الجهاد والسير. صحيح مسلم ٣/ ١٥٠٧. وأبو داود، فى: باب ما يجزئ من الغزو، من كتاب الجهاد. سنن أبى داود ٢/ ١١. والترمذى، فى: باب ما جاء فى فضل من جهز =

<<  <  ج: ص:  >  >>