للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دِماءَهُمْ وأمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّها" (٧). وإِنْ أَسْلَمُوا بَعْدَ الفَتحِ، عَصَمُوا دماءَهم دونَ أموالِهم، ويَرِقُّون. الثانيةُ، أَنْ يبْذُلُوا مالًا على المُوادَعَةِ، فيجوزُ قَبولُه منهم، سواءٌ أغْطَوْه جُمْلةً أو جَعَلُوه خَراجًا مُسْتمِرًّا، يُؤْخَذُ منهم كلَّ عامٍ. فإنْ كانُوا (٨) ممَّنْ تُقْبَلُ منهم الجِزْيَةُ، فبَذَلُوها، لَزِمَه قبولُها منهم، وحَرُمَ قِتالُهم؛ لقولِ اللَّه تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (٩). وإِنْ بَذَلُوا مالًا على غيرِ وَجْهِ الجِزْيَةِ، فرَأَى المصلحةَ فى قَبُولِه، قَبِلَه، ولا يلزمُه قَبولُه إذا لم يَرَ المصلحةَ فيه. الثَّالِثَةُ، أَنْ يفْتَحَه. الرابعةُ، أَنْ يَرَى المصلحَةَ فى الانْصِرافِ عنه، إمَّا لضَرَرٍ فى الإِقامَةِ، وإمَّا لليَأْسِ منه، وإمَّا لمَصْلَحَةٍ يَنْتَهِزُها تَفُوتُ بإقامَتِه، فينْصَرِفُ عنه، لما رُوِىَ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حاصَرَ أهلَ الطَّائِفِ، فلم ينَلْ منهم شيئًا، فقال: "إنَّا قَافِلُونَ إنْ شَاءَ اللَّهُ غَدًا". فقال المسلمون: أَنَرْجِعُ عنه (١٠) ولم نَفْتَحْه؟ فقال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اغْدُوا عَلَى الْقِتَالِ". فَغَدُوا عليه (١١)، فأَصابَهُم الجراحُ، فقال لهم رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّا قَافِلُون غَدًا". فأَعْجَبَهم، فَقَفَلَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. مُتَّفَقٌ عليه (١٢). الخامِسَةُ، أَنْ ينْزِلُوا على حُكْمِ حاكمٍ، [فيجوزُ؛ لما رُوِىَ عن (١٣) النَّبِىّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أَنَّه لمَّا حاصَرَ بنى قُرَيْظَةَ، رضُوا بأنْ ينزِلُوا على حُكْمِ] (١٤) سعدِ ابن مُعاذٍ، فأجابَهُم إلى ذلك (١٥)؛ والكلامُ فيه فى فَصْلَيْن، أحدُهُما، صِفَةُ الحاكم.


(٧) تقدم تخريجه، فى: ٤/ ٦.
(٨) فى أ، ب: "وكان".
(٩) سورة التوبة ٢٩.
(١٠) سقط من: الأصل، أ، ب.
(١١) سقط من: أ.
(١٢) أخرجه البخارى، فى: باب غزوة الطائف، من كتاب المغازى، وفى: باب قوله تعالى: {تُؤْتِى الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ. . .}، من كتاب التوحيد. صحيح البخارى ٥/ ١٩٨، ٩/ ١٧٢. ومسلم، فى: باب غزوة الطائف، من كتاب الجهاد والسير. صحيح مسلم ٣/ ١٤٠٣.
كما أخرجه الإِمام أحمد، فى: المسند ٢/ ١١.
(١٣) فى م: "أن".
(١٤) سقط من: ب. نقل نظر.
(١٥) تقدم تخريجه، فى صفحة ٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>