للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثانى، صفَةُ الحُكْمِ. [فأمَّا الحاكمُ] (١٦) فيُعْتبَرُ فيه سبعةُ شُروطٍ؛ أَنْ يكونَ (١٧) حُرًّا، مُسْلِمًا، عاقِلًا، بالِغًا، ذكَرًا، عَدْلًا، فَقِيهًا، كما يُشْتَرَطُ فى حاكمِ المسلمين. ويجوزُ أَنْ يكونَ أَعْمَى؛ لأنَّ عَدَمَ البَصَرِ لا يضُرُّ فى مسألَتِنا؛ لأنَّ المقْصودَ رَأْيُهُ، [ومعرِفَةُ المصلَحَةِ] (١٨) فى أحدِ أقْسامِ الحُكْمِ، ولا يضُرُّ عدَمُ البصَرِ فيه، بخلافِ القضاءِ، فإنَّه لا يَسْتَغْنِى عن البصرِ (١٩)، ليَعْرفَ المُدَّعِى من المُدَّعَى عليه، والشاهِدَ من المَشْهُودِ له والمشهودِ عليه، والمُقِرَّ من المُقَرِّ له. ويُعْتَبَرُ من الفِقْه ههُنا ما يَتَعَلَّقُ بهذا الحُكْم، ممَّا يجوزُ فيه، ويُعْتَبَرُ له، ونحو ذلك، ولا يُعْتَبَرُ فِقْهُه فى جميعِ الأحكامِ التى لا تَعَلُّقَ (٢٠) لها (٢١) بهذا، ولهذا حُكِّمَ سعدُ بن مُعاذ، ولم يثْبُتْ أنَّه كان عالمًا بجميع الأحْكامِ، وإذا حَكَّمُوا رَجُلَيْن، جازَ، ويكون الحُكْمُ ما اتَّفَقَا عليه. وإِنْ جَعَلُوا الحُكْمَ إلى رجلٍ يُعَيِّنُه الإِمامُ، جازَ؛ لأنَّه لا يَخْتارُ إلَّا مَنْ يَصْلُحُ. وإِنْ نَزَلُوا على حكمِ رجلٍ منهم، أَوْ جَعَلُوا التَّعْيِينَ إليهم، لم يجُزْ؛ لأنَّهم ربَّما اخْتارُوا مَنْ لا يَصْلُحُ. وإِنْ عَيَّنُوا رجُلًا يصْلُحُ، فرَضِيَه الإِمامُ، جازَ؛ لأنَّ بنى قُرَيْظَةَ رَضُوا بحُكْمِ سعدِ بن مُعاذٍ، وعَيَّنُوه، فَرَضِيَه النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأجازَ حُكْمَه. وقال: "لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهمْ (٢٢) بِحُكْمِ اللَّهِ". وإِنْ ماتَ مَن اتَّفَقُوا عليه، فاتّفَقُوا على غيرِه ممَّنْ يَصْلُح، قامَ مَقامَه، وإِنْ لم يتَّفِقُوا على مَنْ يقومُ مَقامَه، أو طَلَبُوا حَكَمًا لا يصْلُحُ، رُدُّوا إلى مَأْمَنِهم، وكانُوا على الْحِصارِ حتَّى يتَّفِقُوا، وكذلك إنْ رَضُوا باثْنَيْن، فماتَ أحدُهما، فاتفَقُوا على مَن يقومُ مَقامَه، جازَ، وإلَّا رُدُّوا إلى مَأْمَنِهم. وكذلك إذا (٢٣) رضُوا بتَحْكيمِ مَنْ لم تَجْتَمِعْ الشَّرائِطُ فيه، ووَافَقَهُم الإِمامُ عليه، ثمَّ بانَ أنَّه


(١٦) سقط من: م.
(١٧) فى م زيادة: "الحاكم".
(١٨) فى أ، ب: "ومعرفته للمصلحة".
(١٩) فى ب زيادة: "فيه".
(٢٠) فى ب: "تتعلق".
(٢١) فى م: "به".
(٢٢) سقط من: الأصل، أ، ب.
(٢٣) فى م: "إن".

<<  <  ج: ص:  >  >>