للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَكَانَهَا أُخْرَى" (٢). وعن الْبَراءِ، قال: قال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا، ونَسَكَ نُسُكَنَا، فَقَدْ أصَابَ النُّسُكَ، ومَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّىَ، فَلْيُعِدْ مَكانَها أُخْرَى". مُتَّفَقٌ عليه (٣). وفى لفْظٍ قال: "إِنَّ أَوَّلَ نُسُكِنَا فِى يَوْمِنَا هذَا الصَّلَاةُ، ثُم الذَّبْحُ، فمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَتِلْكَ شاةُ لَحْمٍ قَدَّمَها لأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِى شَىْءٍ". فظاهِرُ (٤) هذا اعْتبارُ نَفْس الصلاةِ. وقال عَطاءٌ: وَقْتُها إذا طَلَعَت الشمسُ؛ لأنَّها عبادَةٌ يتعلَّقُ آخِرُها بالوَقْتِ، فتعلَّقَ أوّلُها بالوَقْتِ، كالصيامِ. وهذا وَجْهُ قولِ الْخِرَقِىّ ومَنْ وافَقَه. والصَّحِيحُ، إنْ شاءَ اللَّهُ تعالى، أَنَّ وَقْتَها فى الموضِعِ الذى يُصلَّى فيه بعدَ الصَّلاةِ؛ لظاهِرِ الخَبَرِ، والعمَلُ بظاهِرِه أَوْلَى. فأمَّا غيرُ أهلِ الأمْصارِ والقُرَى، فأوَّلُ وَقْتِها فى حَقِّهِم قَدْرُ الصَّلاةِ والخُطْبَةِ بعدَ حَلِّ (٥) الصلاةِ؛ لأنَّه لا صَلاةَ فى حَقِّهم تُعْتبَرُ، فَوَجَبَ الاعْتبارُ بقَدْرِها. وقال أبو حنيفةَ: أوَّل وَقْتِها فى حَقِّهم إذا طلعَ الفجرُ الثانِى؛ لأنَّه من يومِ النَّحْرِ، فكان وقْتُها (٦) منه كسائِرِ اليومِ. ولَنا، أنَّها عبادَةٌ وَقْتُها فى حَقِّ أهلِ الأمْصار (٧) بعدَ إشْراقِ الشمسِ، فلا تتقدَّمُ وَقْتَها فى حَقِّ غيرِهم، كصلاةِ العيدِ. وما ذَكَرُوه يبطلُ بأهلِ المِصْرِ (٨)، فإنْ لم يُصَلِّ الإِمامُ فى المِصْرِ، لم يجزِ الذَّبْحُ حتى تزولَ الشمسُ؛ لأنَّها


(٢) أخرجه البخارى، فى: باب قول النبى -صلى اللَّه عليه وسلم-: فليذبح على اسم اللَّه، من كتاب الذبائح والصيد. صحيح البخارى ٧/ ١١٨. ومسلم، فى: باب وقتها، من كتاب الأضاحى. صحيح مسلم ١٥٥٢. والنسائى، فى: باب ذبح الناس بالمصلى، من كتاب الذبائح والصيد. المجتبى ٧/ ١٨٨. وابن ماجه، فى: باب النهى عن ذبح الأضحية قبل الصلاة، من كتاب الأضاحى ٢/ ١٠٥٣.
(٣) أخرجه البخارى، فى: باب الأكل يوم النحر، وباب استقبال الإمام الناس فى خطبة العيد، وباب كلام الإمام الناس. . .، من كتاب العيدين، وفى: باب من ذبح قبل الصلاة أعاد، من كتاب الأضاحى. صحيح البخارى ٢/ ٢١، ٢٦، ٢٨، ٧/ ١٣٢، ١٣٣. ومسلم، فى: باب وقتها، من كتاب الأضاحى. صحيح مسلم ٣/ ١٥٥٣.
كما أخرجه النسائى، فى: باب الخطبة يوم العيد، وباب حث الإمام الناس على الصدقة، من كتاب العيدين، وفى: باب ذبح الضحية قبل الإمام، من كتاب الذبائح والصيد. المجتبى ٣/ ١٤٨، ١٤٩، ١٥٥، ٧/ ١٩٦.
(٤) فى أ، ب، م: "وظاهر".
(٥) سقط من: م.
(٦) فى ب: "وقتا".
(٧) فى أ، ب، م: "المصر".
(٨) فى م: "الأمصار".

<<  <  ج: ص:  >  >>