للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حينئذٍ تسْقطُ، فكأنَّه قد صلَّى، وسواءٌ تَرَكَ الصَلاةَ عَمْدًا أو غيرَ عَمْدٍ، لعُذْرٍ أو غيرِه. فأمَّا الذَّبْحُ فى اليومَ الثانى، فيجوزُ (٩) فى أوَّلَ النهارِ؛ لأنَّ الصلاةَ فيه غيرُ واجِبَةٍ، ولأنَّ الوَقْتَ قد دخلَ فى اليومِ الأَوَّلِ، وهذا من أثْنائِه، فلا تُعْتبَرُ فيه صلاةٌ ولا غيرُها. وإِنْ صَلَّى الإِمامُ فى المُصَلَّى، واسْتَخْلَفَ مَنْ صَلَّى فى المسجدِ، فمتَى صَلَّوا فى أحدِ المَوْضِعَيْنِ جازَ الذبحُ؛ لوجودِ الصلاةِ التى يسْقُطُ بها الفَرْضُ عن سائِرِ الناسِ. فإنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلاةِ قبلَ الخُطْبَةِ، أَجْزَأَ، فى ظاهِرِ كلامِ أحمدَ؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَّقَ المَنْعَ على فِعْلِ الصَّلاةِ، فلا يتعلَّقُ بغيرِه، ولأَنَّ الخطبَةَ غيرُ واجِبَةٍ. وهذا قولُ الثَّوْرِىِّ. الثانى، آخِرُ الوَقْتِ، وآخِرُه آخِرُ اليومِ الثانِى من أيامِ التَّشْرِيقِ، فتكونُ أيامُ النَّحْرِ ثلاثَةً؛ يومُ النَّحْرِ (١٠)، ويَوْمان بَعْدَه. وهذا قولُ عمرَ، وعلىٍّ، وابنِ عمرَ، وابنِ عبّاسٍ، وأبى هُرَيْرَةَ، وأَنَسٍ. قال أحمد: أيَّام النَّحْرِ ثلاثَةٌ، كما غيرِ واحِدٍ من أصحاب رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. وفى رِوايَةٍ، قال: خَمْسَةٌ من أصحابِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. ولم يذْكُرْ أَنَسًا. وهو قولُ مالِكٍ، والثَّوْرِىِّ، وأبى حنيفةَ. ورُوِىَ عن علىٍّ، آخِرُه آخِرُ أيَّامِ التَّشْرِيقِ. وهو مذهبُ الشافِعِىّ، وقولُ عَطاءٍ، والحسنِ؛ لأَنَّه رُوِىَ عن جُبَيْر بنِ مُطْعِمٍ، أَنَّ النَّبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أَيَّامُ مِنًى كُلُّها مَنْحَرٌ" (١١). ولأَنَّها أيَّامُ تكْبِيرٍ وإفْطارٍ، فكانت مَحَلًّا للنَّحْرِ كالأَوَّلَيْن. وقال ابنُ سِيرِينَ: لا تجوزُ إلَّا فى يومِ النَّحْرِ خاصَّةً؛ لأنَّها وَظِيفةُ (١٢) عِيدٍ، فلا تجوزُ إلَّا فى يومٍ واحدٍ، كأداءِ الفِطْرةِ يومَ الفِطر. وقال سعيدُ بن جُبَيْر، وجابِرُ بنُ زَيْدٍ، كقولِ ابنِ سِيرِينَ فى أهلِ الأمْصارِ، وقَوْلِنا فى أهلِ مِنًى. وعن أبى سَلَمَةَ بنِ عبدِ الرحمن، وعَطاءِ بنِ يَسارٍ: تجوزُ التَّضْحِيَةُ إلى هلالِ المُحَرَّمِ. وقال أبو أُمامةَ بنُ سَهْلِ بنِ حُنَيفٍ: كان الرجلُ من المسلمين يَشْتَرِى أُضْحِيَةً، فيُسَمِّنُها حتى يكونَ آخِرُ ذى الحِجَّةِ، فيُضَحِّىَ بها. رواه


(٩) فى م: "فهو".
(١٠) فى م: "العيد".
(١١) أخرجه البيهقى، فى: باب النحر يوم النحر. . .، من كتاب الحج، وفى: باب من قال: الأضحى جائز يوم النحر. . .، من كتاب الضحايا. السنن الكبرى ٩/ ٢٩٥، ٢٩٦. والإمام أحمد، فى: المسند ٤/ ٨٢. كلاهما بلفظ: "كل أيام التشريق ذبح". وانظر: ما تقدم تخريجه، فى: ٥/ ٢٤٣.
(١٢) فى الأصل، أ: "وصيفة".

<<  <  ج: ص:  >  >>