للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

روَاه أبو داودَ، والنَّسائِىُّ (٤٦). فهذا ومثلُه واجِبٌ لأنَّ إنْجاءَ المَعْصُومِ واجبٌ، وقد تَعَيَّن فى اليَمِينِ، فيجبُ، وكذلك إنْجاءُ نفْسِه، مثل أَنْ تَتَوجَّهَ عليه أيْمانُ القَسامَةِ فى دَعْوَى القتلِ عليه، وهو بَرِىءٌ. الثانى، مَنْدُوبٌ، وهو الحَلِفُ الذى تَتَعَلَّقُ به مصلحَةٌ؛ من إصْلاحٍ بينَ مُتَخاصِمَيْن، أو إزالَةِ حِقْدٍ من قلبِ مسلمٍ عن الحالِفِ أو غيرِه، أو دَفْعِ شَرٍّ، فهذا مندوبٌ؛ لأنَّ فِعْلَ هذه الأمورِ مَنْدوبٌ إليه، واليَمِينَ مُفْضِيَةٌ إليه. وإِنْ حَلَفَ على فِعْلِ طاعَةٍ، أو تَرْكِ مَعْصِيَةٍ، ففيه وَجْهان؛ أحدُهما، أنَّه مندوب إليه. وهو قولُ بعضِ أصحابِنا، وأصحابِ الشافِعِىِّ؛ لأَنَّ ذلك يدْعوه إلى فِعْلِ الطاعاتِ، وتَرْكِ الْمَعاصِى. والثانِى، ليس بمندوبٍ إليه؛ لأَنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابَه لم يكونُوا يَفْعَلُون ذلك فى الأكثرِ الأَغْلَبِ، ولا حَثَّ (٤٧) النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أحدًا عليه، ولا نَدَبَه إليه، ولو كان ذلك طاعَةً لم يُخِلُّوا به، ولأَنَّ ذلك يَجْرِى مَجْرَى النَّذْرِ، وقد نَهَى النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن النَّذْرِ، وقال: "إِنَّه لَا يَأْتِى بِخَيْرٍ، وإنَّما يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ". مُتَّفَقٌ عليه (٤٨). الثالثُ، المباحُ، مثل الحَلِفِ على فعل مباحٍ أو تركِه، والحَلِفِ على الخَبَرِ بشىءٍ وهو صادِقٌ فيه، أو يظنُّ أنَّه فيه صادِقٌ، فإنَّ اللَّه تعالى قال: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِى أَيْمَانِكُمْ} (٤٩). ومن صُورِ


(٤٦) أخرجه أبو داود، فى: باب المعاريض فى الأيمان، من كتاب الأيمان والنذور. سنن أبى داود ٢/ ٢٠٠.
كما أخرجه ابن ماجه، فى: باب من ورَّى فى يمينه، من كتاب الكفارات. سنن ابن ماجه ١/ ٦٨٥. والإمام أحمد، فى: المسند ٤/ ٧٩.
وليس فى المجتبى، فلعله فى السنن الكبير.
(٤٧) فى م: "حنث". تحريف.
(٤٨) أخرجه البخارى، فى: باب إلقاء العبد النذر إلى القدر، من كتاب القدر، وفى: باب الوفاء بالنذر، من كتاب الأيمان والنذور. صحيح البخارى ٨/ ١٥٥، ١٧٦. ومسلم، فى: باب النهى عن النذر وأنه لا يرد شيئا، من كتاب النذر. صحيح مسلم ٣/ ١٢٦١.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب كراهية النذر، من كتاب الأيمان والنذور. سنن أبى داود ٢/ ٢٠٧. والترمذى، فى: باب فى كراهية النذر، من أبواب النذور. عارضة الأحوذى ٧/ ٢١، ٢٢ والنسائى، فى: باب النهى عن النذر، وباب النذر لا يقدم شيئا. . .، وباب النذر يستخرج به من البخيل، من كتاب الأيمان. المجتبى ٧/ ١٥، ١٦. وابن ماجه، فى: باب النهى عن النذر، من كتاب الكفارات. سنن ابن ماجه ١/ ٦٨٦. والدارمى، فى: باب النهى عن النذر، من كتاب النذور. سنن الدارمى ٢/ ١٨٥. والإمام أحمد، فى: المسند ٢/ ٦١، ٢٣٥، ٢٤٢، ٣٠١، ٣١٤، ٤١٢، ٤٦٣.
(٤٩) سورة البقرة ٢٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>