للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تعالى: {وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (٦١). ولأَنَّ الكَذِبَ حَرامٌ، فإذا كان مَحْلوفًا عليه، كان أشَدَّ فى التَّحْريمِ. وإِنْ أبْطَلَ به حَقًّا، أو اقْتَطَعَ به مالَ مَعْصُومٍ، كان أشَدَّ؛ فإنَّه رُوِىَ عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه قال: "مَنْ حَلَفَ يَمِينًا فاجِرَةً، يقتَطِعُ بها مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَقِىَ اللَّه وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبانُ". [مُتَّفَقٌ عليه] (٦٢). وأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فى ذلك: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِى الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (٦٣). ومن هذا القِسْم الحَلِفُ على فعلِ مَعْصِيَةٍ، أو تَرْكِ وَاجِبٍ؛ فإنَّ المحلوفَ عليه حَرامٌ، فكانَ الحَلِفُ حَرامًا؛ لأنَّه وسيلَةٌ إليه، والوَسِيلَةُ تأخذُ حُكْمَ المُتوَسَّلِ إليه.

فصل: ومتى كانت اليَمِينُ على فِعْلِ واجِبٍ، أو تَرْكِ مُحَرَّمٍ، كان حَلُّها مُحرَّمًا؛ لأنَّ حَلَّها بفعلِ المُحَرّمِ، وهو مُحَرَّمٌ. وإِنْ كانت على فِعْلِ مندوبٍ، أو تَرْكِ مَكْروهٍ، فحَلُّها مكروهٌ. وإِنْ كانت على فعلِ (٦٤) مُباحٍ، فحَلُّها مُباحٌ. فإنْ قيلَ: فكيفَ يكونُ حَلُّها مُباحًا، وقد قال اللَّهُ تعالى: {وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} (٦٥)؟ قُلْنا: هذا فى الأَيْمانِ فى العُهودِ والْمَواثيقِ، بدليلِ قولِه تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا


(٦١) سورة المجادلة ١٤.
(٦٢) سقط من: أ، ب، م.
وأخرجه البخارى، فى: باب كلام الخصوم بعضهم فى بعض، من كتاب الخصومات، وفى: باب سؤال الحاكم المدعى هل. . .؟ ، وباب حدثنا عثمان بن أبى شيبة، من كتاب الشهادات، وفى: باب: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا}، من كتاب التفسير، وفى: باب قول اللَّه تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا}، من كتاب الأيمان، وفى: باب الحكم فى البئر ونحوها، من كتاب الأحكام. صحيح البخارى ٣/ ١٥٩، ١٦٠، ٢٣٢، ٢٣٣، ٦/ ٤٢، ٨/ ١٧١، ٩/ ٩٠. ومسلم، فى: باب وعيد من اقتطع حق مسلم فاجرة بالنار، من كتاب الأيمان. صحيح مسلم ١/ ١٢٢، ١٢٣.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب فى من حلف يمينا ليقتطع بها مالا لأحد، من كتاب الأيمان. سنن أبى داود ٢/ ١٩٧. والترمذى، فى: باب ما جاء فى اليمين الفاجرة. . .، من أبواب البيوع، وفى: باب سورة آل عمران، من أبواب التفسير. عارضة الأحوذى ٥/ ٢٧١، ١١/ ١٢٢. وابن ماجه، فى: باب من حلف على يمين فاجرة. . .، من كتاب الأحكام. سنن ابن ماجه ٢/ ٧٧٨. والإمام أحمد، فى: المسند ١/ ٣٧٧، ٣٧٩، ٤٢٦، ٤٤٢، ٤٦٠، ٥/ ٢٥، ٢١١، ٢١٢.
(٦٣) سورة آل عمران ٧٧.
(٦٤) لم ترد فى: الأصل، أ، ب.
(٦٥) سورة النحل ٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>