للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كِفايَتُه فإنَّها حاصِلَةٌ بكَسْبِه ومالِه، فإنْ لم يكُنْ له كسبٌ ولا مالٌ، عَجَّزه سَيِّدُه، ورجَعَ إليه، واسْتَغْنى بإنْفاقِه، ويُخالِفُ (١٠) الزَّكاةَ؛ فإنَّها تُصْرَفُ إلى الغَنِىِّ، والكَفَّارَةُ بخلافِها. الثالث، أَنْ يكونُوا مسلمين، ولا يجوزُ صَرْفُها إلى كافِرٍ، ذِمِّيًّا كان أو حَرْبِيًّا. وبذلك قال الحسنُ، والنَّخَعِىُّ، والأَوْزَاعِىُّ، ومالكٌ، والشافِعِىُّ، وإِسْحاقُ، وأبو عُبَيْد. وقال أبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ: يجوزُ دَفْعُها إلى الذِّمِّىِّ؛ لدُخولِه فى اسْمِ المساكينِ، فيدْخُلُ فى عُمومِ الآيةِ، ولأنَّه مِسْكينٌ من أهلِ دارِ الإِسْلامِ، فأَجْزَأَ الدَّفْعُ إِليه من الكَفَّارَةِ، كالمسلمِ. ورُوِىَ نحوُ هذا عن الشَّعْبِىِّ. وخَرجَه أبو الخَطَّاب وَجْهًا فى المذهب؛ بِناءً على جوازِ إعْتاقِه فى الكَفَّارَةِ. وقال الثَّوْرِىُّ: يُعْطِيهم إِنْ لم يَجِدْ غيْرَهم. ولَنا، أنَّهُم كُفَّارٌ، فلم يَجُزْ إعْطاؤُهم، كمُسْتَأْمنِى أهلِ الحربِ، والآيَةُ مَخْصُوصَةٌ بهذا، فَنَقِيسُ. الرابعُ، أَنْ يكونُوا قد أَكلُوا الطَّعامَ، فإنْ كان طِفْلًا لم يَطْعَمْ، لم يَجُزِ الدَّفْعُ إليه، فى ظاهِرِ كلامِ الْخِرَقِىِّ، وقوْلِ القاضِى. وهو ظاهِرُ قولِ مالكٍ؛ فإنَّه قال: يجوزُ الدَّفْعُ إلى الفَطِيمِ. وهذا (١١) إحْدَى الرِّوايَتَيْن عن أحمدَ. والرِّوايَةُ الثانية، يجوزُ دَفْعُها إلى الصَّغيرِ الذى لم يَطْعَمْ، ويَقْبِضُ للصَّغِيرِ وَلِيُّه. وهذا (١١) الذى ذَكَرَه أبو الخَطَّاب (١٢) المَذْهبُ. وهو مذهبُ الشافِعِىّ، وأصحابِ الرَّأْى. قال أبو الخَطَّاب: وهو قولُ أكثرِ الفُقَهاءِ؛ لأنَّه حُرٌّ مُسْلِمٌ مُحْتاجٌ، فأَشْبَهَ الكبيرَ، ولأَنَّ أكْلَه للكَفَّارَةِ ليس بشَرْطٍ، وهذا يصْرِفُ الكفَّارَةَ إلى ما يحْتاجُ إليه، ممَّا تَتِمُّ به (١٣) كِفايَتُه، فأشْبَهَ الكبيرَ. ولَنا، قولُه تعالَى: {إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ}. وهذا يَقْتَضِى أَكْلَهُم له، فإذا لم تُعْتَبَرْ حَقِيقَةُ [أكْلِهم، يجبُ اعْتبارُ] (١٤) إمْكانِه ومَظِنَّتِه، ولا تَتَحَقَّقُ مَظِنَّتُه فى مَن لا يأكُلُ، ولأنَّهُ لو كانْ المَقْصُودُ دَفْعَ حاجةٍ (١٥)، لَجازَ دَفْع القِيمَةِ، ولم يتَعيَّنِ الإطعامُ، وهذا يُقَيِّدُ ما ذَكَرُوه. فإذا اجْتَمَعَت هذه الأَوْصافُ الأَرْبَعَةُ فى واحدٍ، جازَ الدَّفْعُ إليه، سَواءٌ كان


(١٠) فى م: "وخالف".
(١١) فى م: "وهو".
(١٢) فى م زيادة: "فى".
(١٣) سقط من: ب.
(١٤) فى م: "أكله اعتبر".
(١٥) فى م: "حاجته".

<<  <  ج: ص:  >  >>