للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُسْتَقْبلِ مُؤكَّد بالقَسَمِ، والخبرُ بفِعْلِ شىءٍ يَقْتَضِى فِعْلَه كُلَّه، فأمَّا إِنْ حَلَفَ أَنْ (٤) لا يَدْخُلَ، فأَدْخَلَ بَعْضَه، أو لا (٥) يفعلَ شيئًا، ففَعَلَ بَعْضَه، ففيه رِوايَتان؛ إحداهُما، يَحْنَثُ (٦). حُكِىَ ذلك (٤) عن مالِكٍ؛ لأنَّ اليَمِينَ يَقْتَضِى المَنْعَ من فِعْلِ المَحْلوفِ عليه، فاقْتَضَت المَنْعَ من فِعْلِ شىءٍ منه، كالنَّهْىِ، فنظيرُ الحَلِفِ (٧) على الدُّخولِ قولُه تعالى: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا} (٨). و {ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ} (٩). فلا يكونُ المأْمورُ مُمْتَثِلًا إِلَّا بدُخولِ جُمْلَتِه، ونَظِيرُ الحَلِفِ على تَرْكِ الدُّخولِ قولُه سبحانه: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ} (١٠). وقولُه: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِىِّ} (١١). لا يكونُ المَنْهِىُّ مُمْتَثِلًا إِلَّا بِتَرْكِ الدُّخُولِ كلِّه، فكذلك الحالِفُ على تَرْكِ الدخولِ، لا يَبْرأُ إِلَّا بتَرْكِه كُلِّه، فمتى أدْخَلَ بَعْضَه لم يكُنْ تاركًا لِمَا حَلَفَ عليه، فكان مُخالِفًا، كالمَنْهىِّ (١٢) عن الدُّخولِ. ووَجْهُ الجَمْعِ بينَهما، أَنَّ الآمِرَ والنَّاهِىَ يقْصِدُ الحَمْلَ على فِعْلِ الشىءِ أو المَنْعَ منه، والحالِفَ يقصدُ بيمينِه ذلك، فكانا سواءً، يُحَقِّقُه أَنَّ الآمِرَ بالفِعْلِ والحالِفَ (١٣) عليه، يقْصِدُ فِعْلَ الجميعِ، فلا يكونُ مُمْتَثِلًا ولا بارًّا [إِلَّا بفِعْلِه كلِّه، والناهِىَ والحالِفَ على التّرْكِ، يقْصِدُ تَرْكَ الجميعِ، فلا يكونُ ممتَثِلًا ولا بارًّا] (١٤) إِلَّا بِتَرْكِ الجميعِ، وفاعِلُ البَعْضِ ما فَعَلَ الجميعَ، ولا تَرَكَ الجميعَ، فلا يكونُ مُمْتَثِلًا للأَمْرِ ولا النَّهْىِ، ولا بارًّا فى الحَلِفِ (١٥) على الفِعْلِ ولا التَّرْكِ. والرِّوايَةُ الثانِيَةُ، لا يَحْنَثُ إِلَّا بأنْ يَدْخُلَ كُلُّه. قال


(٤) سقط من: م.
(٥) فى م: "ولا".
(٦) فى م: "لا يحنث".
(٧) فى م: "الحالف".
(٨) سورة النساء ١٥٤.
(٩) سورة المائدة ٢٣.
(١٠) سورة النور ٢٧.
(١١) سورة الأحزاب ٥٣.
(١٢) فى ب، م: "كالنهى".
(١٣) فى م: "أو الحالف".
(١٤) سقط من: الأصل. نقل نظر.
(١٥) فى م: "بالحلف".

<<  <  ج: ص:  >  >>