للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَهْرٍ، فَلْيُطْعَمْ عَنْهُ مَكَانَ كُلِّ يَومٍ مِسْكِينٌ". أخْرَجه ابنُ ماجَه (٤). وقال أهلُ الظَّاهرِ: يجِبُ القَضاءُ على وَلِيِّه، بظاهِرِ الأخْبارِ الوارِدةِ فيه. وجُمْهورُ أهلِ العلمِ على أَنَّ ذلك ليس بواجبٍ على الوَلِىِّ، إِلَّا أَنْ يكونَ حقًّا فى المالِ، ويكونَ للميِّتِ تَركِةٌ، وأمْرُ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فى هذا مَحْمُولٌ على النَّدْبِ والاسْتِحْبابِ، بدليلِ قَرائِنَ فى الخَبَر؛ منها أَنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- شَبَّهَه بالدَّيْنِ، وقَضاءُ الدَّينِ على الميِّتِ لا يَجِبُ على الوارِثِ ما لم يُخَلِّف تَركِةً يُقْضَى بها، ومنها أَنَّ السائلَ سألَ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: هل يَفْعَلُ ذلك أم (٥) لا؟ . وجوابُه يخْتَلفُ باخْتلافِ مُقْتضَى سُؤالِه، فإنْ كان مُقْتضاهُ السُّؤالَ عن [الإباحَةِ، فالأمرُ فى جوابِه يقتضِى الإِباحةَ، وإِنْ كان السؤالُ عن] (٦) الإِجْزاءِ، فأمْرُه يقْتضِى الإِجْزاءَ، كقولِهم: أنُصلِّى فى مَرابِضِ الغنمِ؟ قال: "صَلُّوا فِى مَرَابِض الغَنَمِ" (٧). وإِنْ كانَ سؤالُهم عن الوُجوبِ، فأَمْرُه يقْتَضِى الوُجوبَ، كقولِهم: أنتوضَّأُ من لُحومِ الإِبلِ؟ قال: "تَوَضَّؤُوا مِنْ لُحُومِ الإِبلِ" (٨). وسؤالُ السائلِ فى مسألَتِنا كان عن الإِجْزاءِ، فأمْرُ النَّبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِالفِعْلِ يقْتَضِيه لا غيرُ. ولَنا، على جَوازِ الصِّيامِ عن الميِّتِ، ما رَوَتْ عائشةُ، أَنَّ رسولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مَنْ مَاتَ، وَعَلَيْهِ صِيَامٌ، صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ". وعنِ ابنِ عبَّاسٍ، قال: جاءَ رجلٌ إلى النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا رسولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمِّى ماتتْ وعليها صومُ شهرٍ، أفأصومُ عنها؟ قال: "أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكَ دَيْنٌ، أَكُنْتَ قَاضِيَهُ؟ " قال: نعم. قال: "فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أن يُقْضَى". وفى روايةٍ قال: جاءَتِ امرأةٌ إلى رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقالت: يا رسولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمِّى ماتتْ وعليها صومٌ، أفأصومُ عنها؟ قال: "أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ فَقَضَيْتِهِ، كَانَ يُؤَدِّى ذَلِكِ عَنْهَا؟ ". قالت: نعم. قال: "فَصُومِى عَنْ


(٤) تقدم تخريجه، فى: ٤/ ٣٩٨، ٣٩٩.
(٥) فى ب: "أو".
(٦) سقط من: ب. نقل نظر.
(٧) تقدم تخريجه، فى: ٢/ ٤٦٩. ويضاف إليه: وأخرجه الترمذى، فى: باب ما جاء فى الصلاة فى مرابض الغنم وأعطان الإبل، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى ٢/ ١٤٥.
(٨) تقدم تخريجه، فى: ١/ ٢٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>