للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولايتِه، حَكَمَ به؛ لأنَّ ما عَلِمَه قبلَ وِلايتِه بمنْزِلةِ ما سَمِعَه من الشُّهودِ قبلَ وِلَايتِه، وما عَلِمَه في وِلَايتِه، بمنزلةِ ما سَمِعَه من الشُّهودِ في وِلَايتِه. ولَنا، قولُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إنَّمَا أنَا بَشَرٌ، وإنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَأقْضِىَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أسْمَعُ مِنْهُ" (٥). فدلَّ على أنَّه إنَّما يَقْضِي بما يَسْمَعُ، لا بما يَعْلَمُ. وقالَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في قَضِيَّةِ الحَضْرَمِيِّ والكِنْدِيِّ: "شَاهِدَاكَ أو يَمِينُهُ، لَيْسَ لَكَ مِنْهُ إلَّا ذَاكَ" (٦). ورُوِيَ عن عمرَ، رَضِيَ اللهُ عنه، أَنَّه تَداعَى عندَه رجلانِ، فقال له أحدُهما: أنتَ شاهِدي. فقال: إن شئْتُما شَهِدْتُ ولم أحْكُمْ، أو أحْكُمُ ولا أشْهَدُ (٧). وذكرَ ابنُ عبدِ البَرِّ، [في"كتابِه"] (٨)، عن عائشةَ، رضى اللهُ عنهما: أنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعثَ أبا جَهْمٍ على الصَّدَقةِ (٩)، فَلاحَاه رجلٌ في فَرِيضةٍ، فوقَعَ بينَهما شِجاجٌ، فأتَوُا النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فأعْطاهُم الأرْشَ، ثم قال: "إنِّي خَاطِبٌ النَّاسَ، ومُخْبِرُهُمْ أنَّكُمْ قَدْ رَضيتُمْ، أرَضِيتُمْ؟ " قالوا: نعم. فصَعَدَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المِنْبَرَ (١٠)، فخطَبَ، وذكَرَ القصَّةَ،


(٥) أخرجه البخاري، في: باب من أقام البينة بعد اليمين، من كتاب الشهادات، وفي: باب حدثنا محمد بن كثير، من كتاب الحيل. وفي: باب موعظة الإمام للخصوم، من كتاب الأحكام. صحيح البخاري ٣/ ٢٣٥، ٩/ ٣٢، ٨٦. ومسلم، في: باب الحكم بالظاهر واللحن بالحجة، من كتاب الأقضية. صحيح مسلم ١٣/ ١٣٣٧. وأبو داود، في: باب في قضاء القاضي إذا أخطأ، من كتاب الأقضية. سنن أبي داود ٢/ ٢٧٠، ٢٧١. والترمذي، في: باب ما جاء في التشديد. . .، من كتاب الأحكام. عارضة الأحوذي ٦/ ٨٣، ٨٤. والنسائي، في: باب الحكم بالظاهر، وباب ما يقطع القضاء، من كتاب القضاء. المجتبى ٨/ ٢٠٥، ٢١٧. وابن ماجه، في: باب قضية الحاكم لا تحل حراما ولا تحرم حلالا، من كتاب الأحكام. سنن ابن ماجه ٢/ ٧٧٧. والإمام مالك، في: باب الترغيب في القضاء بالحق، من كتاب الأقضية. الموطأ ٢/ ٧١٩. والإمام أحمد، في: المسند ٦/ ٢٠٣، ٢٩٠، ٢٩١، ٣٠٨، ٣٢٠.
(٦) أخرجه مسلم، في: باب وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة بالنار، من كتاب الإيمان. صحيح مسلم ١/ ١٢٣، ١٢٤. وأبو داود، في: باب في من حلف يمينا. . .، من كتاب الأيمان، وفي: باب الرجل يحلف على علمه فيما غاب عنه، من كتاب الأقضية. سنن أبي داود ٢/ ١٩٨، ٢٨٠. والترمذي، في: باب ما جاء في أن البينة على المدعى. . .، من كتاب الأحكام. عارضة الأحوذي ٦/ ٨٦.
(٧) أخرجه ابن أبي شيبة، في: باب الرجل يدعى شهادة القاضي أو الوالي، من كتاب البيوع. المصنف ٦/ ٥٣٨.
(٨) سقط من: الأصل.
(٩) في الأصل زيادة: "فأعطاهم".
(١٠) سقط من: ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>