للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَدْرِ فِرَاشِه، فقال: هاهُنا يا أميرَ المُؤمنينَ. فقال له عمرُ: جُرْتَ في أوَّلِ القضاءِ، ولكنْ أجْلِسُ مع خَصْمِى. فجَلَسا بين يديْه، فادَّعَى أُبيٌّ وأنْكَرَ عمرُ، فقال زيدٌ لأُبَيٍّ، أعْفِ أميرَ المؤمنين من اليمينِ، وما كنتُ لأسْألَها لأحدٍ غيرِه. فحلَفَ عمرُ، ثم أقسمَ: لا يُدْرِكُ زيدٌ بابَ القضاءِ، حتى يكونَ عمرُ ورجلٌ مِن عُرْضِ المسلمين عندَه سَواءً (١١). ورَواهُ عمرُ بنُ شَبَّةَ، وفيه: فلما أتَيا بابَ زيدٍ، خرجَ فقالَ: السَّلامُ عليك يا أميرَ المؤمنينَ، لو أرسلتَ إليَّ أتَيْتُكَ (١٢). قال: في بَيْتِه يُؤْتَى الحَكَمُ. فلما دَخلا (١٣) عليه، قال: هاهُنا يا أميرَ المؤمنين. قال: بل أجلِسُ مع خَصْمِى. فادَّعَى أُبيٌّ وأنْكَرَ عمرُ، ولم تكنْ لأُبيٍّ بَيِّنَةٌ، فقال زيدٌ: أعفِ أميرَ المؤمنين مِن اليمينِ. فقالَ عمرُ: تَاللهِ إنْ زِلْتَ ظالمًا، السلامُ عليكَ يا أميرَ المؤمنين. هاهُنا [يا أميرَ المؤمنين. أعْفِ أميرَ المؤمنينِ] (١٤). ولِمَ يُعفِى أميرَ المؤمنين؟ إنْ كانَ لِى حقٌّ اسْتَحْققتُه بيَمِينى، وإلَّا تَرَكْتُه، واللهِ الذى لا إلهَ إلَّا هو، إنَّ النَّخلَ لَنَخْلِى، وما لأُبيٍّ فيها حقٌّ. ثم أَقْسمَ عمرُ: لا يُصيبُ زيدٌ وَجْهَ القضاءِ حتى يكونَ عمرُ وغيرُه مِن الناسِ عندَه سواءً. فلمَّا خرَجا وهبَ النَّخلَ لِأُبَيٍّ، فقيل له: يا أميرَ المؤمنين، فهَلَّا كانَ هذا قبلَ أن تَحْلِفَ؟ قال: خِفتُ أنْ أتركَ اليَمِينَ، فتَصيرَ سُنَّةً، فلا يَحْلِفُ الناسُ على حُقوقِهم. وقال إبراهيمُ: جاءَ رجلٌ إلى شُرَيْحٍ، وعندَه السَّرِيُّ بنُ وَقَّاصٍ، فقال الرجلُ لشُرَيْحٍ: أعْدِنِى على هذا الجالسِ عندَك. فقال شريحٌ للسَّرِيِّ: قُمْ فاجْلِسْ مع خَصْمِك. قال: إنِّي أسْمَعُك مِن مَكانِى. قال: لا، قُمْ فاجْلِسْ مع خَصْمِك. فأبَى أنْ يَسْمع منه حتَّى أجْلَسَه مع خَصْمِه. وفى روايةٍ أنَّه (١٥) قال: إنَّ مَجْلِسَك يُرِيبُه، وإنِّى لا أدَعُ النُّصرَةَ وأنا عليها قادِرٌ. ولما تَحاكمَ عليٌّ، رَضِىَ اللهُ عنه، واليَهُودِيُّ إلى شُرَيْحٍ، قال


(١١) تقدم تخريجه، في: صفحة ٣٩.
(١٢) في ب، م: "لأتيتك".
(١٣) في الأصل: "دخل".
(١٤) في م: "ههنا أعف أمير المؤمنين".
(١٥) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>