للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَنيالُ. ويقالُ: فعلَه سليمانُ، وهو صَغِيرٌ. ورُوىَ عن علىٍّ، رَضِىَ اللهُ عنه، أنَّ سَبعةَ نفرٍ خرَجوا، ففُقِدَ وَاحدٌ منهم، فأتَت زَوْجتُه عليًّا، فدَعا السِّتَّةَ، فسألَهم عنه، فأنْكَروا، ففرَّقَهم، وأقامَ كلَّ واحدٍ عندَ سَارِيَةٍ، ووكَّل به (٥٥) مَن يَحْفَظُه، ودعَا واحدًا منهم، فسألَه فأنكرَ، فقال: اللهُ أكبر. فظَنَّ الباقون أنَّه قد اعْترفَ، فدَعاهم، فاعْترَفوا، فقال للأوَّلِ: قد شَهِدُوا عليك، وأنا قاتلُك. فاعْتَرفَ، فقتلَهم. وإن لم يَعْرِفْ عَدالتَهما، بحَثَ عنها، فإن لم تَثْبُتْ عَدالتُهما، قال للْمدَّعِى: زِدْنِى شُهودًا. وإن لم (٥٦) تكنْ له بَيِّنةٌ، عرَّفَه الحاكمُ أنَّ لك يَمِينَه. وليس للحاكِم أن يسْتَحْلِفَه قبلَ مَسْألةِ المُدَّعِى؛ لأنَّ اليَمِينَ حَقٌّ له، فلم يَجُزِ اسْتيفاؤُها مِن غيرِ مُطالَبةِ مُسْتَحقِّها، كَنفْسِ الحقِّ. فإن اسْتحْلفَه مِن غيرِ مَسألةٍ، أو بادرَ المُنْكِرُ فحلَفَ، لم يُعْتَدَّ بيَمِينِه؛ لأنَّه أتَى بها فى غيرِ وَقْتِها. وإذا سألَها (٥٧) المُدَّعِى، أعادَها له؛ لأنَّ الأولَى لم تكُنْ يَمِينَه. وإن أمْسَكَ المُدَّعِى عن إحْلافِ المُدَّعَى عليه، ثم أرادَ إحْلافَه بالدَّعْوَى المُتقدِّمةِ، جازَ؛ لأنَّه لم يُسْقِطْ حقَّه منها، وإنما أخَّرَها. وإنْ قال: أبرأْتُك مِن هذه اليَمِينِ. سقطَ حَقُّه منها فى هذه الدَّعْوَى، وله أن يَسْتأنِفَ الدَّعوَى؛ لأنَّ حقَّه لا يَسْقُطُ بالإِبرْاءِ من اليَمِينِ. فإن اسْتأْنفَ الدَّعوَى، فأنْكَرَ المُدَّعَى عليه، فله أن يُحَلِّفَه؛ لأنَّ هذه الدَّعْوَى غيرُ الدَّعوَى التى أبْرَأَه فيها مِن اليَمِينِ، فإن حلفَ سقطَتِ الدَّعْوى، ولم يكُنْ للمُدَّعِى أن يُحَلِّفَه يَمِينًا أُخْرَى، لا فى هذا المجلسِ، ولا فى غيرِه. وإن كان الحقُّ لجماعةٍ فرَضُوا بيَمِينٍ واحدٍ، جازَ، وسقَطَتْ دَعْواهم باليَمِينِ؛ لأنَّها حقُّهم؛ ولأنَّه لمَّا جازَ ثُبوتُ الحقِّ ببَيِّنةٍ واحدةٍ لجماعةٍ، جازَ سُقوطُه بيَمِينٍ واحدةٍ. قال القاضى: ويَحْتَمِلُ أنْ لا يَصِحَّ حتى يَحْلِفَ لكلِّ واحدٍ يَمِينًا. وهو أحدُ الوَجهيْن لأصْحابِ الشافعىِّ؛ لأنَّ اليَمِينَ حُجَّةٌ فى حقِّ الواحدِ، فإذا رَضِىَ بها اثنان، صارتِ الحُجَّةُ فى حقِّ كلِّ واحدٍ منهما ناقصةً، والحُجَّةُ النَّاقصةُ لا تَكْمُلُ برِضَى الخَصْمِ، كما لو رَضِىَ أن يَحْكُمَ عليه بشاهدٍ واحدٍ. والصَّحِيحُ الأوَّلُ؛ لأنَّ الحقَّ لهما،


(٥٥) سقط من: ب.
(٥٦) سقط من: م.
(٥٧) فى الأصل: "سأله".

<<  <  ج: ص:  >  >>