للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثابتٍ وابنُ مُطِيعٍ، فى دارٍ كانت بينهما، إلى مَرْوانَ بنِ الحكمِ، فقال زيدٌ: أحْلِفُ له مكانِى. فقال مروانُ: لا واللَّهِ، إِلَّا عندَ مَقاطعِ الحُقوقِ. قال: فجَعلَ زيدٌ يَحْلِفُ أَنَّ حَقَّه لَحَقٌّ، ويأْبَى أن يَحْلِفَ عندَ المِنْبَرِ، فجعلَ مَرْوانُ يَعْجَبُ (١٠). ولَنا، قولُ اللَّهِ تعالى: {فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا} (١١). ولم يَذكرْ مَكانًا ولا زَمَنًا، ولا زِيادةً فى اللَّفظِ. واسْتَحْلَف النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- رُكانةَ فى الطَّلاقِ، فقالَ: "آللَّهِ مَا أَردْتَ إِلَّا وَاحِدَةً؟ ". قال: اللَّهِ ما أُردْتُ إِلَّا واحدةً (١٢). ولم يُغْلِّظْ يَمِينَه بزمَنٍ، ولا مَكانٍ، ولا زيادةِ لفظ، وسائرِ ما ذكرْنا فى التى قبلَها. وحلَفَ عمرُ لأُبَىٍّ حينَ تحاكَما إلى زيدٍ فى مَكانِه، وكانا فى بيتِ زِيدٍ (١٣). وقال عثمانُ لابنِ عمرَ: تَحْلِفُ باللَّهِ لقد بِعْتَه وما به داءٌ تَعْلَمُه (١٤)؟ وفيما ذَكروه (١٥) تَقْيِيدٌ لمُطلقِ هذه النُّصوصِ، ومُخالَفةُ الإِجْماعِ. فإِنَّ ما ذكرْنا عن الخَليفتيْن عمرَ وعثمانَ، مع مَن حضرَهما، لم يُنكَرْ، وهو فى (١٦) مَحلِّ الشُّهرةِ، فكان إجماعًا. وقولُه تعالى: {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ}. إنَّما (١٧) كانَ فى حقِّ أهلِ الكتاب فى الوَصِيَّةِ فى السَّفَر، وهى قَضِيَّةٌ خُولِفَ فيها القِياسُ فى مَواضِعَ؛ منها قبولُ شَهادةِ أهَلِ الكتابِ على المسلمين، ومنها اسْتِحْلافُ الشَّاهِدَين، ومنها اسْتِحْلافُ خُصومِهما عندَ العُثورِ علىِ اسْتحقاقِهما الإِثْمَ، وهم لا يعملون (١٨) بها أصلًا، فكيفَ يحَتجُّون بها؟ ولما ذكرَ أيْمانَ


(١٠) أورده الإمام مالك، فى: باب جامع ما جاء فى اليمين على المنبر، من كتاب الأقضية. الموطأ ٢/ ٧٢٨.
وانظر ما أورده البخارى، فى: باب يحلف المدعى عليه حيثما وجبت عليه اليمين، من كتاب الشهادات. صحيح البخارى ٣/ ٢٣٤.
(١١) سورة المائدة ١٠٧.
(١٢) تقدم تخريحه، فى: ١٠/ ٣٦٤.
(١٣) تقدم تخريجه، فى: ١٣/ ٤٤٢.
(١٤) سقط من: م. وتقدم تخريجه، فى: صفحة ٢٢٣.
(١٥) فى الأصل: "ذكره".
(١٦) سقط من: ب.
(١٧) فى الأصل، أ، م: "وإنما".
(١٨) فى النسخ: "يعلمون".

<<  <  ج: ص:  >  >>