للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنَ الثُّلثِ؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، لم يُجِزْ مِنْ (٥) عِتْق الذى أعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكينَ فى مَرَضِه، إِلَّا ثُلثَهم (٦). ولأنَّه تَبَرُّعٌ بمالٍ، أشْبَهَ الهِبَةَ، فإنْ أعْتَقَ أكثرَ من الثُّلثِ، لم يَجُزْ إِلَّا الثُّلثُ. فإِنْ أعْتَقَ عَبِيدًا فى مَرَضِه، واحِدًا بعدَ واحِدٍ، بُدِئَ بِالأَوَّلِ فَالأَوَّلِ، حتَّى يُسْتَوْفَى الثُّلثُ. وإِنْ وَقَعَ العِتْقُ دُفْعَةً واحِدَةً، ولم يَخْرُجُوا مِن الثُّلُثِ، قُرِعَ (٧) بينَهم، فأُخْرِجَ (٨) الثُّلثُ بِالقُرْعَةِ. ومَسْألةُ الخِرَقِىِّ فيما إذا وَقَع العِتْقُ دُفْعَةً وَاحِدَةً، ولم يكُنْ له مالٌ سِواهُم. وأمّا إِنْ دَبَّرَهم، اسْتَوَى المُقَدَّمُ والمُؤَخّرُ مِنهم؛ لأنَّ التَّدْبيرَ عِتْقٌ مُعَلَّقٌ بِشَرْطٍ، وهو الموْتُ، والشَّرْطُ إذا وُجِدَ ثَبَتَ المشْروطُ (٩) فى وَقْتٍ واحِدٍ، وكذلك المُوصَى بِعِتْقِه، يَسْتَوى هو والتَّدْبيرُ؛ لأنَّ الجميعَ عِتْق بعدَ الموْتِ، فمتى أعْتَقَ ثَلاثةَ أعْبُدٍ مُتَساوِين فى القِيمَةِ، هم جميعُ مالِه، دُفْعَةً واحِدَةً، أو دَبَّرَهم، أو وَصَّى بِعِتْقِهم، أو دَبَّرَ بعضَهم ووَصَّى بِعِتْقِ باقِيهم، ولم يُجِزِ الوَرَثَةُ أكثرَ من الثُّلثِ، قُرِعَ (٧) بينهم بسَهْمِ حُرّيَةٍ وسَهْمَىْ رِقٍّ، فمَنْ خَرَجَ له سَهْمُ الحُرِّيَّةِ، عَتَقَ ورَقَّ صاحباه. وبهذا قال عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ، وأبانُ بن عُثمانَ، ومَالِكٌ، والشَّافِعىُّ، وإسْحاقُ، وداودُ، وابْنُ جَرِيرٍ. وقال أبو حنيفةَ: يَعْتِقُ مِن كلِّ واحدٍ ثُلثُه، ويُسْتَسْعَى فى باقِيهِ. ورُوِىَ نحوُ هذا عن سَعيدِ بن المُسَيَّبِ، وشُرَيْحٍ، والشَّعْبِىِّ، والنَّخَعِىِّ، وتَتادَةَ، وحَمَّادٍ؛ لأَنَّهم تَساوَوا فى سببِ الاسْتِحْقاقِ، فيَتَساوَونَ فى الاسْتِحْقاقِ، كما لو كان يَمْلِكُ ثُلثَهم وَحْدَه، وهو ثُلثُ مالِه، أو كما لو وَصَّى بكُلِّ واحدٍ منهم لرجلٍ. وأَنْكَرَ أصْحابُ أبى حنيفةَ القُرْعَةَ، وقالوا: هى مِنَ القِمَارِ وحُكْمِ الجاهِليَّةِ. ولَعَلَّهم يَرُدُّونَ الخبرَ الوارِدَ فى هذه المسْأَلَةِ؛ لمُخالَفَتِه (١٠) قياسَ الأُصولِ (١١). وذُكِرَ الحديثُ لِحمَّادٍ، فقال: هذا قولُ الشَّيخِ -يَعْنِى إِبْليسَ- فقال له محمدُ بنُ ذَكْوانَ: وُضِعَ القَلَمُ عَن ثَلاثَةٍ؛ أَحَدُهم المجْنونُ حتَّى يُفيقَ -يَعْنِى إنَّكَ (١٢)


(٥) سقط من: ب. وفى الأصل: "لمن".
(٦) تقدم تخريجه، فى: ٨/ ٣٩٥.
(٧) فى م: "أقرع".
(٨) فى الأصل: "ويخرج".
(٩) فى أ، م زيادة: "به".
(١٠) فى الأصل: "لمخالفة".
(١١) فى الأصل: "الأصل". وفى ب: "للأصول".
(١٢) فى م: "إنه".

<<  <  ج: ص:  >  >>