للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَتَّصِلْ بها قَبْضٌ تَنْبَرِمُ به. ولا فَرْقَ بين إسْلامِهِما، أو إسْلامِ أحَدِهما، فيما ذكرْناه؛ لأنَّ التَّغْلِيبَ لحُكْمِ (٣٩) الإِسلامِ. وقال أبو حنيفةَ: إذا كاتَبَه على خَمْرٍ، ثم أسْلَما (٤٠)، لم يَفْسُدِ العَقْدُ، ويُؤَدِّى قِيمةَ الخمرِ؛ لأنَّ الكِتابةَ (٤١) كالنِّكاحِ، ولو أمْهَرَها خَمْرًا، ثم أسْلَما، بَطَلَ الخَمْرُ، ولم يَبْطُلِ النِّكاحُ. ولَنا، أَنَّ هذا عَقْدٌ لو عَقَدَه المسلمُ كان فاسِدًا، فإذا أسْلَما قبلَ التَّقابُضِ، أو أحَدُهما، حُكِمَ بفَسادِه، كالبَيْعِ الفاسِدِ، ويُفارِقُ النِّكاحَ، [فى أنَّه] (٤٢) لو عَقَدَه المسلمُ بخَمْرٍ (٤٣) كان صحيحًا، وإن أسْلَمَ مُكاتَبُ الذِّمِّىِّ، لم [تَنفَسِخِ الكتابةُ] (٤٤)؛ لأنَّها وقَعَتْ صحيحةً، ولا يُجْبَرُ على إزالةِ مِلْكِهِ؛ لأَنَّه خارِجٌ بِالكِتابةِ عن تَصَرُّفِ الكافرِ فيه، فإنْ عَجَزَ، أُجْبِرَ على إزالةِ مِلْكِه عنه حِينَئذٍ. [وإن اشْتَرَى مسلمًا، فكاتَبَه، لم تَصِحَّ الكتابةُ؛ لأنَّ الشِّراءَ باطِلٌ، ولم يَثْبُتْ له به مِلْكٌ. وإن أسْلَم عبدُه فكاتَبَه بعدَ إسلامِه، لم تَصِحَّ كِتابَتُه؛ لأَنَّه يلْزَمُه (٤٥) إزالةُ مِلْكِه عنه، والكِتابةُ لا تُزِيلُ المِلْكَ، فإِنَّ المُكاتَبَ عَبْدٌ ما بَقِىَ عليه دِرْهَمٌ. وقال القاضى: له كِتابَتُه؛ لأَنَّه يخْرُجُ بها عن تَصَرُّفِ سَيِّدِه فيه، فإن عَجَزَ، عاد رَقِيقًا قِنًّا، وأُجْبِرَ على إزالةِ مِلْكِه عنه حِينَئذٍ] (٤٦).

فصل: وإن كاتَبَ الْحَرْبِىُّ عبدَه، صَحَّتْ كِتابَتُه، سَواءٌ كان فى دارِ الحَرْبِ أو دارِ الإِسْلامِ (٤٧). وبهذا قال الشَّافِعِىُّ. وقال أبو حنيفةَ: لا يَصِحُّ؛ لأنَّ مِلْكَه ناقِصٌ. وحكى عن مالكٍ، أنَّه لا يَمْلِكُ، بدَلِيلِ أَنَّ [المُسْلِمَ يَمْلِكُه] (٤٨) عليه. ولَنا، قولُ اللَّه تعالى: {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ} (٤٩). وهذه الإِضافةُ إليهم (٥٠) تَقْتَضِى


(٣٩) فى الأصل: "بحكم".
(٤٠) فى الأصل: "أسلم".
(٤١) فى الأصل: "الكاتبة".
(٤٢) فى أ، ب، م: "فإنه".
(٤٣) فى الأصل: "وصح".
(٤٤) فى الأصل: "تفسخ الكاتبة".
(٤٥) فى أ، ب، م: "يلزم".
(٤٦) سقط من: ب. نقل نظر.
(٤٧) فى الأصل: "السلام".
(٤٨) فى أ، م: "للمسلم تملكه".
(٤٩) سورة الأحزاب ٢٧.
(٥٠) سقط من: ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>