للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكُنْ له نَفْيُه؛ لما رُوِىَ عن عمرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنَّه قال: حَصِّنُوا هذه الولائِدَ، فلا يَطَأُ رجُلٌ وَليدَتَه، ثم يُنْكِرُ ولدَها، إِلَّا أَلْزَمْتُه إيَّاهُ (٢١). روَاه سعيدٌ (٢٢). وعَنْ ابنِ عمرَ، قال: قال عمرُ: أيُّمَا رجلٍ غَشِىَ أَمَتَه، ثم ضَيَّعها، فالضَّيْعَةُ عليه، والولَدُ ولَدُه. روَاه سعيدٌ أيضًا (٢٣). ولأنَّ أَمَتَه صارت فِراشًا بالوَطْءِ، فلَحِقَه ولَدُها، كالمرأَةِ، ولقولِه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ" (٢٤). فإنْ نَفاهُ سيِّدُها، لم يَنْتَفِ عنه، إلا أَنْ يَدَّعِىَ أنَّه اسْتَبْرَأَها، وأَتَتْ بالولَدِ بعدَ اسْتِبْرائِهِا بستَّةِ أشْهُرٍ، فيَنْتَفِى عنه بذلك. وهل يَحْلِفُ على ذلك؟ على وَجْهَيْن. وقد رُوِىَ عن الحسنِ، قال: إذا انكَرَ الرجلُ ولدَه مِن أمَتِه، فلَه ذلك. وعن الشَّعْبِىِّ، أنَّه كان يقول: يَنْتَفِى مِن ولدِه، إذا كان مِن أمَتِه، متى شاءَ. ولَنا، قَولُ عمرَ، وأنَّه وُلِدَ على فِراشِه، فلِم يكُنْ له نَفْيُه، كولدِهِ مِن زَوْجَتِه. فإن أقرَّ به، لم يكُنْ له نَفْيُه بعدَ ذلك. لا نَعْلَمُ فيه خِلافًا. قال إبراهيمُ: إذا أقَرَّ بولدِه، فليس له أَنْ ينْتَفِىَ منه، فإن انْتَفَى منه، ضُرِبَ الحَدَّ، وأُلْحِقَ به الولدُ. وقال شُرَيْحٌ لرجلٍ (٢٥) أقَرَّ بوَلدِه: لا سَبيلَ لكَ أَنْ تَنْتَفِىَ منه. وكذلك إن هُنِّئَ به، فسَكَتَ، أو أمّنَ على الدُّعاءِ؛ لأَنَّه دَليلٌ على الرِّضَى به، فقامَ مَقامَ الإِقْرارِ به. وإِنْ كان يَطَأُ جارِيتَه، وادَّعَى أنَّه كان يَعْزِلُ عنها، لم يَنْتَفِ الولدُ بذلك؛ لما رَوَى أبو سَعِيدٍ، أنَّه قال: يا رسولَ اللَّه، إنَّا نُصِيبُ النِّساءَ، ونُحِبُّ الأثْمانَ، أفَنَعْزِلُ عَنْهُنَّ؟ قال: "إِنَّ اللَّه إِذَا قَضَى خَلْقَ نَسْمَةٍ، خَلَقَها" (٢٦). وعَنْ جابِرٍ، قال: جاءَ رَجُلٌ من الأنْصارِ إلى رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: إِنَّ لِى جاريَةً، وأنا أطُوفُ عليها، وأنا أكْرَهُ أَنْ تَحْمِلَ. فقال: "اعْزِلْ عَنْهَا إِنْ شِئْتَ، فَإِنَّهُ سَيَأْتِيهَا مَا قُدِّرَ لَهَا". قال: فلَبِثَ الرجلُ، ثم أتاهُ، فقال: إِنَّ الجارِيَةَ قد حَمَلَتْ. قال: "قَدْ


(٢١) فى ب: "إياها".
(٢٢) فى: بابُ ما جاء فى أمهات الأولاد، من كتاب الطلاق. السنن ٢/ ٦٣، ٦٤.
كما أخرجه عبد الرزاق، فى: باب الرجل يطأ سريته وينتفى من حملها، من كتاب الطلاق. المصنف ٧/ ١٣٢.
(٢٣) فى الباب السابق. السنن ٢/ ٦٣.
(٢٤) تقدم تخريجه، فى: ٧/ ٣١٦.
(٢٥) فى م: "الرجل".
(٢٦) تقدم تخريجه، فى: ١٠/ ٢٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>