للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسولَ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَصْبُغُ بها، ولم يكنْ - يَعْنِى - أحبَّ إليه منها، وقد كانَ يَصْبُغُ بها ثيابَهُ كُلَّهَا حتَّى عِمَامَتَهُ. وبإسْنَادِهِ (٨٦) عن ابْنِ عباسٍ، قال: قالَ رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الْبسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ البَيَاضَ؛ فَإنَّها مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ، وكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ".

الفَصْلُ الرَّابِعُ: فيما يَحْرُمُ لُبْسُه، [والصَّلاةُ فيهِ] (٨٧)، وهو قِسْمَانِ؛ قِسْمٌ تَحْرِيمُهُ عامٌّ في الرِّجَالِ والنِّسَاءِ، وقِسْمٌ يَخْتَصُّ تَحْريمُهُ بِالرِّجَالِ. فالأَوَّلُ، ما يَعُمُّ تَحْرِيمُهُ، وهو نَوْعانِ: أحدُهُما، النَّجِسُ لا تصِحُّ الصلاةُ فيهِ، ولا عليهِ؛ لأَنَّ الطهارةَ مِن النَّجَاسَةِ شَرْطٌ، وقد فاتَتْ. والثاني، المَغْصُوبُ، [لا يَحِلُّ لُبْسُه، ولا الصَّلاةُ فيه] (٨٨) وهل تَصِحُّ الصلاةُ فيهِ؟ على رِوَايَتَيْنِ؛ إحداهُمَا، لا تصِحُّ. والثَّانِيةُ تصحُّ، وهو قولُ أبي حنيفةَ، والشافعيِّ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لا يَخْتَصُّ الصَّلاةَ، ولا النَّهْىَ يَعُودُ إليها، فلم يَمْنَعِ الصِّحَّةَ، كما لو غَسَلَ ثَوْبَهُ مِن النَّجَاسَةِ بماءٍ مَغْصُوبٍ، وكما لو صَلَّى وعلَيْه (٨٩) عمامَةٌ مَغْصُوبَةٌ. ووَجْهُ الرِّوَايَةِ الأُولَى، أنَّه اسْتَعْمَلَ في شَرْطِ العِبَادَةِ ما يَحْرُمُ عليهِ اسْتِعْمَاله، فلم تَصِحَّ، كما لو صَلَّى فِي ثوبٍ نَجِسٍ، ولأنَّ الصلاةَ قُرْبَةٌ وطَاعَةٌ، وهو مَنْهِيٌّ عنها علَى هذا الوجهِ، فكيفَ يَتَقَرَّبُ بما هو عاصٍ به، أو يُؤْمَرُ بما هو مَنْهِيٌّ عنهُ. وأما إذا صَلَّى في عمامَةٍ مَغصُوبَةٍ، أو في يدهِ خاتَمٌ من ذهبٍ، فإنَّ الصَّلاةَ تَصِحُّ؛ لأن النَّهْىَ لا يعُودُ إلى


(٨٦) في: باب في الأمر بالكحل، من كتاب الطب، وفى: باب في البياض، من كتاب اللباس. سنن أبي داود ٢/ ٣٣٥، ٣٣٦، ٣٧٣. كما أخرجه الترمذي، في: باب ما يستحب من الأكفان، من أبواب الجنائز. عارضة الأحوذي ٤/ ٢١٥. وابن ماجه، في: باب ما جاء فيما يستحب من الكفن، من كتاب الجنائز، وفي: باب البياض من الثياب، من كتاب اللباس. سنن ابن ماجه ١/ ٤٧٣، ٢/ ١١٨١. والإِمام أحمد، في: المسند ١/ ٢٤٧، ٢٧٤، ٣٢٨، ٣٥٥، ٣٦٣.
(٨٧) سقط من: الأصل.
(٨٨) سقط من: م.
(٨٩) في الأصل: "من".

<<  <  ج: ص:  >  >>