للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأذْكَارِ (٤١) الواجِبَةِ، كتَسْبِيحِ الرُّكُوعِ والسُّجُودِ، وقَوْلِ: رَبّ اغْفِرْ لي بين السَّجْدَتَيْنِ، وقَوْلِ: رَبَّنَا ولك الحَمْدُ. فإنَّه لا يَرْجِعُ إليه بعدَ الخُرُوجِ مِن مَحَلِّه؛ لأنَّ مَحلَّ الذِّكْرِ رُكْنٌ قد وَقَعَ مُجْزِئًا صَحِيحًا. فلو رَجَع إليه لكانَ زِيَادَةً في الصَّلَاةِ، وتَكْرَارًا لِرُكْنٍ، ثم يَأْتِى بالذِّكْرِ في رُكُوعٍ أو سُجُودٍ زَائِدٍ غيرِ مَشْرُوعٍ، بِخِلافِ التَّشَهُّدِ، ولكنَّه يَمْضِي ويسجدُ لِلسَّهْوِ لِتَرْكِه، قياسًا على تَرْكِ التَّشَهُّدِ. الصُّورةُ الثَّانِيَة، قامَ مِن السَّجْدَةِ الأُولَى، ولم يجلِسْ لِلْفَصْلِ بينَ السَّجْدَتَيْنِ، فهذا قد تَرَكَ رُكْنَيْنِ؛ جِلْسَةَ الفَصْلِ، والسَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ. فلا يَخْلُو من حَالَيْنِ: أحَدِهما، أن يَذْكُرَ قبلَ الشُّرُوعِ في القِرَاءَةِ، فيَلْزَمُه الرُّجُوعُ. وهذا قولُ مالِكٍ، والشَّافِعِيِّ. ولا أعْلَمُ فيه مُخَالِفًا، فإذا رَجَع، فإنَّه يَجْلِسُ جِلْسَةَ الفَصْلِ، ثم يَسْجُدُ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ، ثم يَقُومُ إلى الرَّكْعَةِ الأُخْرَى. وقال بعضُ أصْحابِ الشَّافِعِيِّ: لا يَحْتَاجُ إلى الجُلُوسِ؛ لأنَّ الفَصْلَ قد حَصَلَ بالقِيامِ. وليسَ بِصَحِيحٍ؛ لأنَّ الجِلْسَةَ وَاجِبَةٌ، ولا يَنُوبُ عنها القِيامُ كما لو عَمَدَ ذلك. فأمَّا إنْ كان جَلَسَ لِلْفَصْلِ، ثم قامَ ولم يَسْجُدْ، فإنَّه يَسْجُدُ، ولا يَلْزَمُه الجُلُوسُ. وقيل: يَلْزَمُه؛ لِيَأْتِىَ بالسَّجْدَةِ عن جُلُوسٍ. ولا يَصِحُّ؛ لأنَّه أَتَى بالجِلْسَةِ، فلم تَبْطُلْ بِسَهْوٍ بَعْدَها كالسَّجْدَةِ الأُولَى، ويَصِيرُ كأنَّه سَجَدَ عَقِيبَ الجُلُوسِ. فإنْ كان يَظُنُّ أنَّه سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، وجلس جِلْسَةَ الاسْتِرَاحَةِ، لم يُجْزِه عن جِلْسَةِ الفَصْلِ؛ لأنَّها هَيْئَةٌ، فلا تَنُوبُ عن الوَاجِبِ، كما لو تَرَكَ سَجْدَةً من رَكْعةٍ، ثم سجد لِلتِّلاوَةِ. وهكذا الحُكْمُ في تَرْكِ رُكْنٍ غيرِ السُّجُودِ، مثلِ الرُّكُوعِ، أو الاعْتِدَالِ (٤٢) عنه؛ فإنَّه يَرْجِعُ إليه متَى ذَكَرَه، قبلَ الشُّرُوعِ في قِرَاءَةِ الرَّكْعَةِ الأُخْرَى، فيَأْتِى به، ثم بما بعدَه؛ لأنَّ ما أتَى به بعدَه غيرُ مُعْتَدٍّ به؛ لِفَوَاتِ


(٤١) في الأصل: "الأحكام".
(٤٢) في الأصل: "والاعتدال".

<<  <  ج: ص:  >  >>