للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: يا غُلَامُ اسْقِنِى ماءً. أو شِبْهَهُ، أعَادَ. ومِمَّن تَكَلَّم بعدَ أنْ سَلَّمَ، وأتَمَّ صَلَاتَهُ، الزُّبَيْرُ، وابْناه عبدُ اللهِ وعُرْوَةُ، وصَوَّبَه ابنُ عَبَّاسٍ. ولا نَعْلَمُ عن غيرِهم في عَصْرِهِم خِلَافَه. وفيه رِوَايَةٌ ثانِيَةٌ، أنَّ الصَّلاةَ تَفْسُدُ بِكُلِّ حالٍ. قال في رِوَايةِ حَرْبٍ: أمَّا من تَكَلَّمَ اليَوْمَ [وأجابهَ أحَدٌ] (١٢) أعادَ الصَّلَاةَ. وهذه الرِّوَايةُ اخْتِيَارُ الخَلَّالِ. وقال: على هذا اسْتَقَرَّت الرِّوَايَاتُ عن أبي عبدِ اللهِ بعد تَوَقُّفِه. وهذا مَذْهَبُ أصْحابِ الرَّأْىِ؛ لِعُمُومِ الأخْبارِ في مَنْعِ الكلامِ. وفيه رِوَايةٌ ثَالِثَةٌ، أنَّ الصَّلاةَ لا تَفْسُدُ بالكلامِ في تلك الحال بحالٍ، سَوَاءٌ كان من شَأْنِ الصَّلَاةِ، أو لم يكنْ؛ إمَامًا كان أو مَأْمُومًا. وهذا مَذْهَبُ مالِكٍ، والشَّافِعِىِّ؛ لأنَّه نَوْعٌ من النِّسْيَانِ، فأشْبَهَ المُتَكَلِّمَ جَاهِلًا، ولذلك تَكَلَّم النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصْحَابُه، وبَنَوْا على صَلَاتِهم. وتُخَرَّج (١٣) فيه رِوَايةٌ رَابِعَةٌ، وهو أنَّ المُتَكَلِّمَ إن كان إمَامًا تَكَلَّم لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ لم تَفْسُدْ صَلَاتُه، وإن تَكَلَّمَ غيرُه فَسَدَتْ صَلَاتُه. ويَأْتِى الكَلَامُ على الفَرْقِ بينهما فيما بعدُ، إن شاءَ اللهُ تعالى. القِسْمُ الثَّالِثُ، أن يَتَكَلَّمَ مَغْلُوبًا على الكلامِ، وهو ثلاثةُ أنْواعٍ: أحَدُها، أن تَخْرُجَ الحُرُوفُ من فِيهِ بغيرِ اخْتِيَارِهِ، مثلَ أن يَتَثَاءَبَ، فيقول: هاه، أو يَتَنَفَّسَ، فيقول: آه. أو يَسْعُلَ، فَيَنْطِقَ في السَّعْلَةِ بِحَرْفَيْنِ، وما أَشْبَهَ هذا، أو يَغْلَطَ في القِرَاءَةِ، فيَعْدِلَ إلى كَلِمَةٍ مِن غيرِ القُرْآنِ، أو يَجِيئَه البُكاءُ، فَيَبْكِى ولا يَقْدِرُ على رَدِّه، فهذا لا تَفْسُدُ صلاتُه. نَصَّ عليه أحمدُ في الرَّجُلِ يكونُ في الصَّلَاةِ فَيَجِيئُه البكاءُ فيَبْكِى، فقال: إذا كان لا يَقْدِرُ على رَدِّهِ لا تَفْسُدُ صَلَاتُه. وقال: قد كان عمرُ يَبْكِى، حتى يُسْمَعَ له نَشِيجٌ. وقال مُهَنَّا: صَلَّيْتُ إلى جَنْبِ أحمدَ، فتثَاءَبَ خَمْسَ مَرَّاتٍ، وسَمِعْتُ لِتَثَاؤُبِه: هاه هاه. وهذا لأنَّ الكلامَ ههنا لا يُنْسَبُ إليه، ولا يَتَعَلَّقُ به حُكْمٌ من


(١٢) سقط من: م.
(١٣) سقط "تخرج" من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>