للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُخْتَلَفِ فيه ما لا يُسْكِرُه، مُعْتَقِدًا حِلَّهُ، فلا يَأْسَ بالصَّلاةِ خَلْفَه. نَصَّ عليه أحْمدُ (١٢). فقال: يُصلِّى خَلْفَ من يَشْرَبُ المُسْكِرَ على التَّأْوِيلِ، نحن نَرْوِى عنهم الحَدِيثَ، ولا نُصَلِّى خَلْفَ من يَسْكَرُ. وكلام الْخِرَقِىِّ بِمَفْهُومِه يَدُلُّ على ذلك؛ لِتَخْصِيصِه مَن سَكِرَ بالإِعادَةِ خَلْفَهُ. وفي مَعْنَى شَارِبِ ما يُسْكِرُهُ (١٣) كُلُّ فاسِقٍ، فلا يُصَلِّى خَلْفَه. نَصَّ عليه أحمدُ. فقال: لا تُصَلِّ خَلْفَ فاجرٍ ولا فاسِقٍ. وقال أبو دَاوُدَ: سمعتُ أحْمدَ، رَحِمَه اللَّه، سُئِلَ عن إمامٍ، قال: أُصَلِّى بكم رمضانَ بكذا وكذا دِرْهَمًا. قال: أسْألُ اللهَ العَافِيَةَ، من يُصَلِّى خَلْفَ هذا؟ وَرُوِىَ عنه أنَّه قال: لا تُصَلِّ خَلْفَ من لا يُؤَدِّى الزَّكاةَ، ولا تُصَلِّ خَلْفَ مَن يُشَارِطُ، ولا بَأْسَ أن يَدْفَعُوا إليه من غيرِ شَرْطٍ. وهذه النُّصُوصُ تَدُلُّ على أنَّه لا يُصَلِّى خَلْفَ فاسِقٍ. وعنه رِوَايَةٌ أُخْرَى، أنَّ الصَّلاةَ خلفَه (١٤) جائِزَةٌ، ذَكَرَها أصْحابُنا. وهذا مَذهبُ الشَّافِعِىِّ؛ لقولِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صَلُّوا خَلْفَ منْ قَالَ لَا إلهَ إلَّا اللهُ". وكان ابنُ عمرَ يُصَلِّى خَلْفَ الحَجَّاجِ، والحُسينُ والحسنُ، وغيرُهما من الصَّحَابةِ كانوا يُصَلُّونَ مع مَرْوَانَ. والَّذِين كانوا في وِلَايَةِ زِيَادٍ وابْنِه كانوا يُصَلُّونَ مَعَهُما. وصَلَّوْا وراءَ الوَليدِ بن عُقْبَةَ، وقد شَرِبَ الخَمْرَ وصَلَّى الصُّبْحَ أَرْبَعًا، وقال: أَزِيدُكم. فصَارَ هذا إجْمَاعًا. وَرُوِىَ عن أبي ذَرٍّ، قال: قال لي رَسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كيفَ أنْتَ إذَا كَانَتْ عَلَيْكَ أُمَرَاءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِها؟ " قال: قلتُ: فما تَأْمُرُنِى؟ قال: "صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتها، فإنْ أدْرَكْتَهَا مَعَهم


(١٢) سقط من: الأصل.
(١٣) في م: "يسكر".
(١٤) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>