للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخْرَجَهُ أبو دَاوُدَ، والتِّرْمِذِىُّ (٢٠)، وقال: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. الثالثُ، فى الوِصَالِ، وهو أن لا يُفْطِرَ بين اليَوْمَيْنِ بِأكْلٍ ولا شُرْبٍ. وهو مَكْرُوهٌ فى قَوْلِ أكْثَرِ أهْلِ العِلْمِ. ورُوِىَ عن ابْنِ الزُّبَيْرِ أنَّه كان يُوَاصِلُ اقْتِدَاءً بِرسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. ولَنا، ما رَوَى ابنُ عمرَ، قال: وَاصَلَ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فى رمضانَ، فوَاصَلَ النَّاسُ، فَنَهى رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن الوِصَالِ، فقالوا: إنَّك تُوَاصِلُ. قال: "إنِّى لَسْتُ مِثْلَكُمْ، إنِّى أُطْعَمُ وأُسْقَى". مُتَّفَقٌ عليه (٢١). وهذا يَقْتَضِى اخْتِصَاصَه بذلك، ومَنْعَ إلْحَاقِ غَيْرِه به. وقَوْلُه: "إنِّى أُطْعَمُ وأُسْقَى". يَحْتَمِلُ أنَّه يُرِيدُ أنَّه يُعانُ على الصِّيَامِ، ويُغْنِيه اللهُ تعالى عن الشَّرابِ والطَّعَامِ، بِمَنْزِلَةِ من طَعِمَ وشَرِبَ. ويَحْتَمِلُ أنَّه أرَادَ، إنِّى أُطْعَمُ حَقِيقَةً، وأُسْقَى حَقِيقَةً، حَمْلًا لِلَّفْظِ على حَقِيقَتِه. والأوَّلُ أَظْهَرُ، لِوَجْهَيْنِ: أحدُهما، أنَّه لو طَعِمَ وشَرِبَ حَقِيقَةً لم يَكُنْ مُوَاصِلًا، وقد أقَرَّهم على قَوْلِهم: إنَّكَ تُوَاصِلُ. والثانى، أنَّه قد رُوِىَ أنَّه قال: "إنِّى أَظَلُّ يُطْعِمُنِى رَبِّى ويَسْقِينِى" (٢٢). وهذا يَقْتَضِى أنَّه فى النَّهارِ، ولا يَجُوزُ الأكْلُ فى


(٢٠) أخرجه أبو داود، فى: باب ما يفطر عليه، من كتاب الصيام. سنن أبى داود ١/ ٥٥٠. والترمذى، فى: باب ما جاء فى الصدقة على ذى القرابة، من أبواب الزكاة. وفى: باب ما جاء ما يستحب عليه الإِفطار، من أبواب الصوم. عارضة الأحوذى ٣/ ١٦٠، ٢١٥.
كما أخرجه ابن ماجه، فى: باب ما جاء على ما يستحب الفطر، من كتاب الصيام. سنن ابن ماجه ١/ ٥٤٢. والدارمى، فى: باب ما يستحب الإِفطار عليه، من كتاب الصوم. سنن الدارمى ٢/ ٧. والإِمام أحمد، فى: المسند ٤/ ١٧ - ١٩، ٢١٣، ٢١٤.
(٢١) أخرجه البخارى، فى: باب بركة السحور من غير إيجاب، من كتاب الصوم. صحيح البخارى ٣/ ٣٧. ومسلم، فى: باب النهى عن الوصال فى الصوم، من كتاب الصيام. صحيح مسلم ٢/ ٧٧٤. كما أخرجه أبو داود، فى: باب فى الوصال، من كتاب الصيام. سنن أبى داود ١/ ٥٥١. والإِمام مالك، فى: باب النهى عن الوصال فى الصيام، من كتاب الصيام. الموطأ ١/ ٣٠٠. والإِمام أحمد، فى: المسند ٢/ ٢١، ٢٣، ١٠٢، ١١٢، ١٤٣، ١٥٣.
(٢٢) أخرجه البخارى، فى: باب ما يجوز من اللو، من كتاب التمنى. صحيح البخارى ٩/ ١٠٦. ومسلم، فى: باب النهى عن الوصال فى الصوم. من كتاب الصيام. صحيح مسلم ٢/ ٧٧٦. والإِمام أحمد، فى: المسند ٢/ ٢٣، ٢٥٣، ٢٥٧، ٣٧٧، ٤٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>