للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصْدَقُكُمْ، وأَبَرُّكُمْ، ولَوْلَا هَدْيِى لحَلَلْتُ كَمَا تَحِلُّونَ، ولَو اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِى مَا اسْتَدْبَرْتُ، مَا أَهْدَيْتُ". فحَلَلْنَا، وسَمِعْنَا، وأطَعْنَا، مُتَّفَقٌ عليهما (١٠) فنَقَلَهم إلى التَّمَتُّعِ، وتَأَسَّفَ إذْ لم يُمْكِنْه ذلك، فدَلَّ على فَضْلِه. ولأنَّ التَّمَتُّعَ مَنْصُوصٌ عليه في كِتَابِ اللَّه تعالى بِقَوْلِه: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} (١١) دُونَ سائِرِ الأنْساكِ. ولأنَّ المُتَمَتِّعَ يَجْتَمِعُ له الحَجُّ والعُمْرَةُ في أشْهُرِ الحَجِّ مع كمالِهِما، وكَمَالِ أفْعَالِهما على وَجْهِ اليُسْرِ والسُّهُولَةِ، مع زِيَادَةِ نُسُكٍ، فكان ذلك أوْلَى، فأمَّا القِرَانُ فإنَّما يُؤْتَى فيه بأفْعَالِ الحَجِّ، وتَدْخُلُ أفْعَالُ العُمْرَةِ فيه، والمُفْرِدُ فإنَّما يَأْتِي بالحَجِّ وَحْدَهُ، وإن اعْتَمَرَ بعدَه من التَّنْعِيمِ، فقد اخْتُلِفَ في إجْزَائِها عن عُمْرَةِ الإِسلامِ، وكذلك اخْتُلِفَ في إجْزَاءِ عُمْرَةِ القِرَانِ، ولا خِلافَ في إجْزَاءِ التَّمَتُّعِ عن الحَجِّ والعُمْرَةِ جَمِيعًا، فكان أوْلَى. فأمَّا حُجَّتُهم، فإنَّما احْتَجُّوا بفِعْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، والجَوابُ عنها (١٢) من أوْجُهٍ: الأَوَّل، أنَّا نَمْنَعُ أن يكونَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُحْرِمًا بغير التَّمَتُّعِ، ولا يَصِحُّ الاحْتِجاجُ بأحادِيثِهم لأمُورٍ؛ أحدُها، أنَّ


(١٠) أخرج الأول البخاري، في: باب تقضى الحائض المناسك كلها. . .، من كتاب الحج، وفي: باب عمرة التنعيم، من كتاب العمرة، وفي: باب الاشتراك في الهدى. . .، من كتاب الشركة، وفي: باب قول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لو استقبلت من أمرى ما استدبرت، من كتاب التمني، وفي: باب نهى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن التحريم إلَّا ما تعرف إباحته، من كتاب الاعتصام. صحيح البخاري ٢/ ١٩٥، ١٩٦، ٣/ ٤، ٥، ١٨٥، ٩/ ١٠٣، ١٣٧، ١٣٨. ومسلم، في: باب بيان وجوه الإحرام. . .، من كتاب الحج. صحيح مسلم ٢/ ٨٧٩.كما أخرجه أبو داود، في: باب في إفراد الحج، من كتاب المناسك. سنن أبي داود ١/ ٤١٥. وابن ماجه، في: باب حجة رسول اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه ٢/ ١٠٢٣، ١٠٢٤. والدارمي، في: باب في سنة الحاج، من كتاب المناسك. سنن الدارمي ٢/ ٤٦. والإمام أحمد، في: المسند ١/ ٢٥٣، ٢٥٩، ٣/ ١٤٨، ٢٦٦، ٣٠٥، ٣١٧، ٣٢٠، ٣٦٤، ٣٦٦.
والحديث الثاني أخرجه البخاري، في: باب التمتع والإقران والإفراد. . .، من كتاب الحج. صحيح البخاري ٢/ ١٧٦. ومسلم، في: باب بيان وجوه الإحرام. . .، من كتاب الحج. صحيح مسلم ٢/ ٨٨٤، ٨٨٥.
(١١) سورة البقرة ١٩٦.
(١٢) في أ: "عنه".

<<  <  ج: ص:  >  >>