للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رُوَاةَ أحَادِيثِهم قد رَوَوْا أنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَمَتَّعَ بِالعُمْرَةِ إلى الحَجِّ، رَوَى ذلك ابنُ عمرَ، وجابِرٌ، وعائشةُ، من طُرُقٍ صِحَاحٍ، فسَقَطَ الاحْتِجَاجُ بها. الثاني، أنَّ رِوَايَتَهم اخْتَلَفَتْ، فرَوَوْا مَرَّةً أنَّه أفْرَدَ، ومَرَّةً أنَّه تَمَتَّعَ، ومَرَّةً أنَّه قَرَنَ، والقَضِيَّةُ واحِدَةٌ، ولا يمكنُ الجَمْعُ بينها، فيَجِبُ اطِّرَاحُها كلِّها، وأحادِيثُ القِرَانِ أصَحُّها حديثُ أنَسٍ، وقد أنْكَرَهُ ابنُ عمرَ، فقال: رَحِمَ (١٣) اللهُ أنَسًا، ذَهَلَ أنَسٌ. مُتَّفَقٌ عليه (١٤). وفي رِوَايَةٍ: كان أنَسٌ يَتَوَلَّجُ على النِّسَاءِ. يَعْنِى أنَّه كان صَغِيرًا. وحديثُ عليٍّ (١٥) رَوَاهُ حَفْصُ بن أبي دَاوُدَ، وهو ضَعِيفٌ، عن ابنِ أبِى لَيْلَى، وهو كَثِيرُ الوَهَمِ. قالَه الدَّارَقُطْنِيُّ. الثالث، أنَّ أكْثَرَ الرِّوَايَاتِ، أن النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان مُتَمَتِّعًا. رَوَى ذلك عمرُ، وعليٌّ، وعثمانُ، وسعدُ بنُ أبي وَقَّاصٍ، وابنُ عَبَّاسٍ، وابنُ عمرَ، ومُعاوِيَةُ، وأبو موسى، وجابِرٌ، وعائشةُ، وحَفْصَةُ، بأحَادِيثَ صَحِيحَةٍ، وإنَّما مَنَعَهُ (١٦) من الحِلّ الهَدْىُ الذى كان معه، ففى حديثِ عمرَ، أنَّه قال: إنِّى لَا أنْهَاكُمْ عَنِ المُتْعَةِ، وإنَّهَا لفِى كِتَابِ اللَّه، ولقد صَنَعَها رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (١٧). يَعْنِي العُمْرَةَ في الحَجِّ. وفي حديثِ عليٍّ، أنَّه اخْتَلَفَ هو وعُثمانُ في المُتْعَةِ بِعُسْفَانَ (١٨)، فقال عليٌّ: ما تُرِيدُ إلى أمْرٍ فَعَلَهُ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، تَنْهَى عنه. مُتَّفَقٌ عليه (١٩). ولِلنَّسَائِيِّ، وقال عَلِيٌّ لِعُثْمَانَ: ألم تَسْمَعْ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَمَتَّعَ؟


(١٣) في م: "يرحم".
(١٤) تقدم تخريج حديث أنس، في صفحة ٨٣، وقوله: يرحم اللَّه أنسا، ذهل أنس. لم نجده، وعند مسلم والنسائي والدارمي. قال بكر: فحدثت بذلك ابن عمر -أى بحديث أنس- فقال: لبى بالحج وحده. فلقيت أنسا فحدثته بقول ابن عمر، فقال أنس: ما تعدوننا إلَّا صبيانا! ! .
(١٥) تقدم في صفحة ٨٣.
(١٦) في م: "معه". خطأ.
(١٧) أخرجه النسائي، في: باب التمتع، من كتاب الحج. المجتبى ٥/ ١١٩.
(١٨) عسفان: منهلة من مناهل الطريق بين الجحفة ومكة. معجم البلدان ٣/ ٦٧٣.
(١٩) أخرجه البخاري، في: باب التمتع والإقران والإفراد بالحج. . .، من كتاب الحج. صحيح البخاري ٢/ ١٧٦. ومسلم، في: باب جواز التمتع، من كتاب الحج. صحيح مسلم ٢/ ٨٩٧.
كما أخرجه النسائي، في: باب التمتع، من كتاب الحج. المجتبى ٥/ ١١٨. وهو الآتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>