للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحَقِيقَةُ اللّمْسِ مُلَاقَاةُ البَشَرَتَيْنِ، قال اللهُ تَعالَى مُخْبِرًا عن الجِنّ أنَّهم قالوا: {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ} (٦)، وقال الشَّاعِرُ: (٧)

* لَمَسْتُ بكَفِّى كَفَّهُ أطْلُبُ الغِنَى *

وقرَأَهَا ابنُ مَسْعُود: (أَوْ لَمَسْتُم النِّسَاءَ). وأما حَدِيث القُبْلَة فَكُلُّ طُرُقِهِ مَعْلولَة، قال يَحْيَى بن سَعِيدٍ: احْكِ عَنِّى أنَّ هذا الحدِيثَ شِبْهُ لَا شَىْءَ. وقال أَحْمَدُ: نَرَى أنهُ غَلَّطَ الْحَدِيْثَيْنِ جَمِيعًا - يَعْنِى حَدِيثَ إبْرَاهِيم التَّيْمِىّ، وحَدِيثَ عُرْوة - فإنَّ إبْرَاهِيَم التَّيمِىَّ لا (٨) يَصِحّ سَمَاعُه مِنْ عائِشَة، وعُرْوَةُ المَذْكُورُ ههُنا عُرْوَة المُزَنِىُّ (٩)، ولم يُدْرِكْ عائِشَة، كذلك قالَه سُفْيَانُ الثَّوْرِىُّ، قالَ: ما حَدَّثَنا حَبِيبٌ إلَّا عن عُرْوَةَ المُزَنِىِّ، ليس هو عُرْوَةَ بن الزُّبَيْرِ. وقال إسْحَاقُ: لا تَظُنُّوا أنَ حَبِيبًا لَقِىَ عُرْوَةَ. وقال: قد يُمْكِنُ أن يُقَبِّلَ الرَّجُلُ امْرَأتَه لغَيْرِ شَهْوةٍ بِرًّا بها، وإكْرَامًا لهَا، ورَحْمةً، ألا تَرَى إلى ما جاءَ عنِ النَّبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنه قَدِمَ من سَفَرٍ فَقَبَّلَ فاطمةَ. فالقُبْلَةُ تكُونُ لِشَهْوةٍ ولِغَيْرِ شَهْوةٍ. ويَحْتَمِلُ أنه قبَّلهَا مِنْ وراءِ حائلٍ، واللَّمْسُ لغيرِ شَهْوةٍ لا يَنْقُضُ، لأنَّ النَّبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كانَ يَمَسُّ زَوْجَتَه في الصَّلَاةِ وتَمَسُّه. ولو كانَ ناقِضًا للوُضُوءِ لم يَفْعَلْه، قالَتْ عائِشَةُ: إنْ كانَ رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ليُصَلِّى، وإنِّى لمُعْتَرضَةٌ بين يَدَيْهِ اعْتِراضَ الجِنَازَةِ، فإذَا أرادَ أن يَسْجُدَ غَمَزَنِى فقَبَضْتُ رِجْلِى. مُتَّفَقٌ عليه (١٠). وفي حَدِيثٍ آخَر: فإذا أرَادَ أن يُوتِرَ مَسَّنِى


(٦) سورة الجن ٨.
(٧) هو بشار بن برد، وهو صدر بيت، عجزه:
* ولم أدْرِ أنَّ الجُودَ مِن كفِّه يُعْدِى *
وينسب هذا البيت مع بيت بعده إلى عبد اللَّه بن سالم الخياط. انظر: حلية الفقهاء ٥٦ وحاشيتها.
(٨) في م: "لم".
(٩) كذا ورد أيضًا عند ابن حجر، في تهذيب التهذيب، وترجمته تدور حول هذا الحديث، قال ابن حجر: فعروة المزني هذا شيخ لا يدرى من هو، ولم أره في كتب من صنف في الرجال إلا هكذا، يعللون به هذه الأحاديث، ولا يعرفون من حاله بشيء. [كذا]. تهذيب التهذيب ٧/ ١٨٩، ١٩٠.
(١٠) أخرجه البخاري، في: باب الصلاة على الفراش، وباب هل يغمز الرجل امرأته عند السجود لكى يسجد، وباب التطوع خلف المرأة، من كتاب الصلاة، وفى: باب ما يجوز من العمل في الصلاة، من أبواب =

<<  <  ج: ص:  >  >>