للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن أبي بكرٍ الصِّدِّيق، وعلىِّ بن أبي طالِبٍ، رَضِىَ اللهُ عنهما. وهو ظاهِرُ قولِ السَّلَفِ، وعُلَماءِ أهْلِ البَصْرَةِ. ويُرْوَى عن عمرَ، رَضِىَ اللهُ عنه، أنه جاءَه شَيْخٌ، فقال: يا أمِيرَ المُؤْمِنينَ، أنا شَيْخٌ كَبِيرٌ، ومالِى كَثِيرٌ، ويَرِثُنِى أعْرَابٌ مَوَالٍ كَلَالَةٌ، مَنْزُوحٌ نَسَبُهُم، أفَأُوصِى بمالِى كلِّه؟ قال: لا. قال (٢١): فلم يَزَلْ يَحُطُّ (٢٢) حتى بَلَغَ العُشْرَ (٢٣). وقال إسحاقُ: السُّنّةُ الرُّبْعُ، إلَّا أن يكونَ رَجُلًا يَعْرِفُ في مالِه حُرْمَةَ (٢٤) شُبُهاتٍ أو غيرها، فله اسْتِيعابُ الثُّلُثِ. ولَنا، أن أبا بكرٍ الصِّدِّيقَ، رَضِىَ اللهُ عنه، أَوْصَى بالخُمْسِ. وقال: رَضِيتُ بما رَضِىَ اللهُ به لِنَفْسِه. يَعْنِى قَوْلَه تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} (٢٥)، ورُوِى أن أبا بكرٍ وعليًّا، رَضِى اللَّه عنهما، أَوْصَيَا بالخُمْسِ. وعن عَلِيٍّ، رَضِىَ اللَّه عنه، أنَّه قال: لأَنْ أُوصِى بالخُمْسِ، أحَبُّ إلَيَّ من الرُّبْعِ. وعن إبراهيمَ، قال: كانوا يقولون: صاحِبُ الرُّبْعِ أفْضَلُ من صاحِبِ الثُّلُثِ، وصاحِبُ الخُمْسِ أفْضَلُ من صاحِبِ الرُّبْعِ. وعن الشَّعْبِيِّ قال: كان الخُمْسُ أحَبَّ إليهم من الثُّلُثِ، فهو مُنْتَهى الجامِحِ. وعن العَلَاءِ بن زِيَادٍ قال: أَوْصَى أبى أن أسْأَلَ العُلمَاءَ، أيُّ الوَصِيَّةِ أعْدَلُ؟ فما تَتَابَعُوا عليه فهو وَصِيَّتُه، فتَتَابَعُوا على الخُمْسِ.

فصل: والأَفْضَلُ أن يَجْعَلَ وَصِيَّتَه لأَقَارِبِه الذين لا يَرِثُونَ، إذا كانوا فُقَرَاءَ، في قول عامَّةِ أهْلِ العِلْمِ. قال ابنُ عبدِ البَرِّ: لا خِلَافَ بين العُلَماءِ عَلِمْتُ في ذلك، إذا كانوا ذَوِى حاجَةٍ، وذلك لأنَّ اللهَ تعالى كَتَبَ الوَصِيَّةَ لِلوالِدَيْنِ والأَقْرَبِينَ، فخَرَجَ


(٢١) سقط من: الأصل.
(٢٢) في أ: "يحطه".
(٢٣) أخرجه البيهقي، في: باب من استحب النقصان عن الثلث. . ., من كتاب الوصايا. السنن الكبرى ٦/ ٢٧٠. وابن أبي شيبة، في: باب ما يجوز للرجل من الوصية في ماله، من كتاب الوصايا. المصنف ١١/ ٢٠٢. وعبد الرزاق، في: باب كم يوصى الرجل من ماله، من كتاب الوصايا. المصنف ٩/ ٦٤.
(٢٤) سقط من: أ.
(٢٥) سورة الأنفال ٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>