للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه سِتُّون سَنَةً أُخرى، فيكونُ له مع سِنِّهِ يومَ فُقِدَ مائةٌ وعِشْرون سَنَةً، فَيُقَسَّمُ مالُه حينئذٍ بَيْنَ وَرَثَتِه إنْ كانوا أحْياءَ، وإِنْ ماتَ بعضُ وَرَثَتِه قبلَ مُضِىِّ مائةٍ وعِشْرينَ، وخَلَّفَ وَرَثَةً لم يكُنْ لهم شىءٌ من مالَ المفْقودِ، وكان مالُه لِلْأَحْياءِ من وَرَثَتِه، ويوقَفُ لِلْمَفْقودِ حِصَّتُه من مالِ مَوْروثِه الذى ماتَ فى مُدَّةِ الانْتِظارِ، فإنْ مَضَتِ المُدَّةُ ولم يُعْلَمْ خَبَرُ الْمَفْقودِ، رُدَّ الْمَوْقوفُ إِلى وَرَثَةِ مَوْروثِ الْمَفْقودِ، ولم يَكُنْ لِوَرَثَةِ الْمَفْقودِ. قال اللُّؤْلُؤِىُّ: وهذا قوْلُ أبى يوسف. وحَكَى الْخَبْرِىُّ عن اللُّؤْلُؤِىِّ أنَّه قالَ: [إنَّ المَوْقوفَ لِلْمَفْقودِ، وإِنْ لم يُعْلَمْ خَبَرُه يَكونُ لِوَرَثَتِهِ. قال] (٣٤): وهو الصَّحيحُ عِنْدى، والذى ذَكَرْناه هو الذى حكاه ابْنُ اللَّبَّانِ عن اللُّؤْلُؤِىِّ، فقال: لو ماتَتِ امْرَأةُ الْمَفْقودِ قَبْلَ تمامِ مائةٍ وعِشْرين سَنَةً بِيَوْمٍ، أو بعدَ فَقْدِه بِيَوْمٍ، تَمَّتْ (٣٥) مائةٌ وعِشْرونَ سَنَةً، لم تُوَرَّثْ منه شَيْئًا، ولم نُورِّثْه منها؛ لأنَّنا لا نَعْلَمُ أيَّهما ماتَ أوَّلًا. وهذا قياسُ قَوْلِ مَنْ قالَ فى الْغَرْقَى: إنَّه لا يُوَرَّثُ أحَدُهم من صاحِبِه، ويَرِثُ كُلَّ واحِدٍ (٣٦) الأحْياءُ مِنْ وَرَثَتِه. قال القَاضِى: هذا قِياسُ قَوْلِ أحمدَ. واتَّفَقَ الْفُقهاءُ على أنَّه لا يَرِثُ المْفقودَ إلّا الأحْياءُ مِنْ وَرَثَتِه يَوْمَ قَسْمِ مالِه، لا مَنْ ماتَ قبلَ ذلك، ولو بِيَوْمٍ. واخْتَلَفوا فى مَن ماتَ وفى وَرَثَتِه مَفْقودٌ، فمذْهَبُ أحمدَ وأكْثَرِ الفُقَهاءِ، على أنَّه يُعْطَى كُلُّ وارِثٍ (٣٧) من وَرَثَتِه الْيَقينَ، ويُوقَفُ الباقى حتى يُتَبَيَّنَ أمْرُه، أو تَمْضِىَ مُدَّةُ الانْتِظارِ، فتَعْمَلُ المسْألَةَ على أنَّه حَىٌّ، ثمَّ على أنَّه مَيِّتٌ، وتَضْرِبُ إحْداهُما فى الأُخْرى إنْ تَبايَنَتا، أو فى وَفْقِهما إنِ اتَّفَقَتا، وتَجْتَزِئُ إحْداهُما إنْ تَماثَلَتا، أو بِأكْثَرِهما إن تَناسَبَتا، وتُعْطِى كُلَّ واحِدٍ أقَلَّ النَّصِيبَيْنِ، ومَنْ لا يَرِثُ إلَّا مِنْ أحَدِهما لا تُعْطِيه شَيْئًا، وتَقِفُ الباقىَ. ولهم أنْ يَصْطَلِحوا على ما زادَ على نَصيبِ الْمَفقودِ، واخْتارَه ابْنُ اللَّبَّانِ؛ لأنَّه لا يَخْرُجُ عنهم. وأنْكَرَ ذلك الوَنِّىُّ (٣٨)، وقالَ: لا فائِدَةَ فى أنْ يَنْقُصَ بَعْضُ الوَرَثَةِ عَمّا يَسْتَحِقُّه فى مَسْأَلَةِ الحياةِ،


(٣٤) سقط من: الأصل. نقل نظر.
(٣٥) فى م: "وتمت".
(٣٦) فى الأصل، أ، ب زيادة: "من".
(٣٧) سقط من: أ.
(٣٨) الحسين بن محمد الونى الفرضى الشافعى، كان متقدما فى علم الفرائض، له فيه تصانيف جيدة. قتل ببغداد، فى فتنة البساسيرى، سنة خمسين وأربعمائة. طبقات الشافعية الكبرى ٤/ ٣٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>