للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهى مُتَيَقَّنَةٌ (٣٩)، ثمَّ يُقالُ له: لك أنْ تُصالِحَ على بَعْضِه. بل إنْ جازَ ذلك، فالأوْلى أنْ نُقَسِّمَ المسْألَةَ على تَقْديرِ الْحياةِ، ونَقِفَ نَصيبَ الْمَفْقودِ لا غيْرُ. والأوَّلُ أصَحُّ، إنْ شاءَ اللَّهُ تعالى، فإنَّ الزَّائِدَ عن (٤٠) نَصيبِ المَفْقودِ من الموْقوفِ مَشْكوكٌ فى مُسْتَحِقِّه، ويَقِينُ الْحَياةِ مُعارَضٌ بِظُهور الْمَوْتِ، فَيَنْبَغى أنْ يُوَرَّثَ (٤١) كالزَّائدِ عن الْيَقينِ فى مَسائِلِ الْحَمْلِ. والاسْتِهْلالِ، ويَجوزُ لِلْوَرَثَةِ الْمَوْجودينَ الصُّلْحُ عليه؛ لأنَّه حَقُّهُم، لا يَخْرُجُ عنهم، وإباحَةُ الصُّلْحِ عليه لا تَمْنَعُ وُجُوبَ وَقْفِه، كما تَقَدَّمَ فى نَظائِرِه، وَوُجوبُ وَقْفِه لا يَمْنَعُ الصُّلْحَ عليه لذلك، ولأنَّ تَجْويزَ أخْذِ الإنْسانِ حَقَّ غَيْرِه بِرِضَاه وَصُلْحِه، لا يَلْزَمُ منه جَوازُ أخْذِه بِغَيْرِ إذْنِه. وظاهِرُ قَوْلِ الوَنِّىِّ هذا أنْ تُقَسَّمَ المسْألَةُ على أنَّه حَىُّ، ويَقِفَ نَصيبَه لا غَيْرُ. وقال بَعْضُ أصْحابِ الشَّافِعِىِّ: يُقَسَّمُ المالُ على الْمَوْجودينَ؛ لأنَّهم مُتَحَقِقونَ، والمَفْقودُ مَشْكوكٌ فيه، فلا يُورَّثُ مع الشَّكِ. وقال محمدُ بنُ الحسنِ: القَوْلُ قَوْلُ مَنِ الْمالُ فى يَدِه، فلو ماتَ رَجُلٌ، وخَلَّفَ ابْنَتَيْه، وابْنَ ابْنٍ، أبوه مَفْقُودٌ، وَالْمالُ فى يَدِ الابْنَتَيْنِ، فاخْتَصَموا إلى القاضِى، فإنَّه لا يَنْبَغى للقاضِى أنْ يُحَوِّلَ الْمالَ عن مَوْضِعِه، ولا يَقِفَ منه شَيْئًا، سواءً اعْتَرفَتِ الابْنتانِ بِفَقْدِه، أو ادَّعَتا مَوْتَه. وإِنْ كان المالُ فى يَدِ ابنِ الْمَفْقودِ، لم يُعْطَ الابْنَتانِ إلَّا النِّصْفَ، أقلَّ ما يكونُ لهما، وإِنْ كانَ المالُ فى يَد أجْنَبِىٍّ، فَأَقَرَّ بأنَّ الابْنَ مَفْقودٌ، وُقِفَ له النِّصْفُ فى يَدَيْهِ، وإِنْ قال الأجْنَبِىُّ: قد ماتَ الْمَفْقودُ، لَزِمَه دَفْعَ الثُّلُثَيْنِ إلى البِنْتَيْنِ، ويُوقَفُ الثُّلُثُ، إلَّا أنْ يُقِرَّ ابْنُ الابْنِ بِمَوْتِ أبيه، فيُدْفَعَ إليه الباقى. والْجُمْهورُ على الْقَوْلِ الأَوَّلِ.

ومن مَسائِلِ ذلك: زَوْجٌ وأُمٌّ وأُخْتٌ وَجَدٌّ وأخٌ مَفْقودٌ، مَسْألةُ الْمَوْتِ، من سَبْعَةٍ وعِشْرينَ؛ لأنَّها مَسْألَةُ الأكْدَرِيَّةِ، ومَسْألَةُ الْحَياةِ من ثَمانِيَةَ عَشَرَ، وهما يَتَّفِقانِ بالأتْساعِ، فتَضْرِبُ تُسْعَ إحْداهما فى الأُخْرى، تَكُنْ أرْبَعَةً وخَمْسينَ، للزَّوْجِ النِّصْفُ من مَسْألَةِ الْحَياةِ، والثُّلُثُ من مَسْألَةِ الْمَوْتِ، فَيُعْطَى الثُّلُثَ، ولِلْأُمِّ التُّسْعانِ من


(٣٩) فى م: "منتفية".
(٤٠) فى أ: "على".
(٤١) فى م: "يوقف".

<<  <  ج: ص:  >  >>