للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: إذا تزوَّجَ امرأةً، مثلُها يُوطأُ، فطلَبَ تسْليمَها إليه، وجبَ ذلك. وإِنْ عرضَتْ نفسَها عليه، لَزِمَه تَسَلُّمها، ووجَبتْ نفقتُها. وإِنْ طلبَها، فسألتِ الإِنظارَ، أُنْظِرَتْ مدّةً جرَتِ العادةُ أَنْ تُصلِحَ أمرَها فيها، كاليومَيْنِ والثلاثةِ؛ لأنَّ ذلك يَسِيرٌ جرَتِ العادةُ بمثلِه، وقد قال النَّبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا تَطْرُقُوا النِّسَاءَ لَيْلًا، حَتَّى تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ، وَتَسْتَحِدَّ الْمُغِيبَةُ" (١٥). فمنَعَ مِنَ الطُّرُوقِ، وأمرَ بإمْهالِها لتُصلِحَ أمرَها؛ مع تقدُّمِ صُحْبتِه لها، فههُنَا أولى. ثمَّ إنْ كانت حُرَّةً، وجبَ تسْليمُها ليلًا ونهارًا، وله السَّفَرُ بها؛ لأنَّ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يُسافِرُ بنسائِه (١٦)، إلَّا أَنْ يكونَ سَفرًا مَخُوفًا، فلا يلزمُها ذلك؛ وإِنْ كانت أمَةً، لم يَلْزَمْ تسليمُها إلَّا باللَّيلِ؛ لأنَّها مملوكةٌ عُقِدَ على أحَدِ (١٧) مَنْفعتِها، فلم يَلزمْ تسليمُها فى غيرِ وقتِها، كما لو أجرَها لخِدْمةِ النَّهار، لم يَلْزمْ تسليمُها باللَّيلِ. ويجوزُ للمولى بيعُها؛ لأنَّ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أذِنَ لعائشةَ فى شراءِ بَرِيرَةَ، وهى ذاتُ زوجٍ (١٨). ولا ينفسخُ النِّكاحُ بذلك، بدليلِ أنَّ بيعَ بَرِيرَةَ لم يُبطِلْ نكاحَها.

فصل: وللزَّوج إجبارُ زَوْجتِه على الغُسْلِ مِنَ الحَيْضِ والنِّفاسِ، مُسْلِمةً كانتْ أو ذِمِّيَّةً، حرَّةً كانت أو مملوكةً؛ لأنَّه يَمْنَعُ الاسْتِمْتاعَ الذى هو حقٌّ له، فمَلَكَ إجبارَها


= كما أخرجه مسلم، فى: باب ما أنفق العبد من مال مولاه، من كتاب الزكاة. صحيح مسلم ٢/ ٧١١. وأبو داود، فى: باب المرأة تصوم بغير إذن زوجها، من كتاب الصوم. سنن أبى داود ١/ ٥٧٢. والترمذى، فى: باب ما جاء فى كراهية صوم المرأة إلا بإذن زوجها، من أبواب الصوم. عارضة الأحوذى ٣/ ٣٠٩. وابن ماجه، فى: باب فى المرأة تصوم بغير إذن زوجها، من كتاب الصيام. سنن ابن ماجه ١/ ٥٦٠. والدارمى، فى: باب النهى عن صوم المرأة تطوعًا. . .، من كتاب الصوم. سنن الدارمى ٢/ ١٢.
(١٥) أخرجه البخارى، فى: تستحد المغيبة تمشط، من كتاب النكاح. صحيح البخارى ٧/ ٥١. ومسلم، فى: باب كراهة الطروق وهو الدخول ليلا. . .، من كتاب الإمارة. صحيح مسلم ٣/ ١٥٢٧. وأبو داود، فى: باب فى الطروق، من كتاب الجهاد. سنن أبى داود ٢/ ٨٢. والدارمى، فى: باب فى تزويج الأبكار، من كتاب النكاح. سنن الدارمى ٢/ ١٤٦. والإمام أحمد، فى: المسند ٢/ ١٠٤، ٣/ ٢٩٨، ٣٠٣، ٣٥٥.
(١٦) انظر ما تقدم فى: ٩/ ٤٣٠.
(١٧) فى ب، م: "إحدى".
(١٨) تقدم تخريج حديث بريرة، فى: ٦/ ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>