للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بشُبْهةٍ، فوَلَدُها حُرٌّ، وفيه الغُرَّةُ. فأمَّا إن كان الجنينُ مَحْكُومًا برِقِّه، لم تَجِبْ فيه الغُرَّةُ، وسيأتي بيانُ حُكْمِه. وأمَّا جَنِينُ الكِتابيَّةِ والمَجُوسِيَّةِ إذا كان محكومًا بكُفْرِه، ففيه عُشْرُ دِيَةِ أُمِّه. وبهذا قال الشافعيُّ، وأَبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. قال ابنُ المُنْذِر: ولم أحْفَظْ عن غيرِهم خِلافَهُم. وذلك لأنَّ جَنِينَ الحُرَّةِ المسلمةِ مَضْمُونٌ بعُشْرِ دِيَةِ أُمِّهِ، فكذلك جَنِينُ الكافِرَةِ، إلَّا أنَّ أصْحابَ الرَّأْىِ يَرَوْنَ أنَّ (١١) دِيَةَ الكافِرَةِ كدِيَةِ المُسْلمةِ، فلا يتَحَقَّقُ عندَهم بينهما اخْتِلافٌ، فإن كان أبَوَا الجَنِينِ كافِرَيْنِ مُخْتَلِفًا دِينُهُما، كوَلَدِ الكِتابِىِّ (١٢) من المَجُوسِيَّةِ، والْمَجُوسِىِّ من الكتابِيَّةِ، اعْتَبَرْناه بأكثرِهما دِيَةً، فنُوجِبُ فيه عُشْرَ دِيةِ كِتابِيَّةٍ على كلِّ حالٍ؛ لأنَّ ولَدَ المسلمِ (١٣) من الكافِرَةِ مُعْتبَرٌ بأكْثَرِهما دِيَةً، كذا ههُنا. ولا فَرْقَ فيما ذكَرْناه بين كَوْنِ الجَنِينِ ذكَرًا أو أُنْثَى؛ لأنَّ السُّنَّةَ لم تُفَرِّقْ بينهما. وبه يقولُ الشافعىُّ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ، وعامَّةُ أهلِ العلمِ. ولو ضَرَبَ بَطْنَ كِتابِيَّةٍ حاملٍ (١٤) من كتابىٍّ، فأسْلَمَ أحَدُ أبَوَيْه، ثم أسْقَطَتْه، ففيه الغُرَّةُ. في قول ابنِ حامدٍ، والقاضِى. وهو ظاهِرُ كلامِ أحمدَ، ومذهبُ الشافعىِّ؛ لأنَّ الضَّمانَ مُعْتَبَرٌ بحالِ اسْتِقْرارِ الجِنايةِ، والجَنِينُ مَحْكُومٌ بإسْلامِه عندَ اسْتِقْرارِها. وفى قولِ أبى بكرٍ، وأبى الخَطَّابِ: فيه عُشْرُ دِيَةِ كِتابِيَّةٍ؛ لأنَّ الجِنايةَ عليه في حالِ الغُرَّةِ. وإن ضَرَبَ بَطْنَ أمَةٍ فأُعْتِقَتْ، ثم أَلْقَتِ الجَنِينَ، فعلى قولِ ابنِ حامدٍ والقاضى، فيه غُرَّةٌ. وفى قولِ أبى بكرٍ وأبى الخَطَّابِ، فيه عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّه؛ لأنَّ الجِنايةَ عليه في حالِ كَوْنِه عَبْدًا. ويُمْكِنُ مَنْعُ كَوْنِه (١٥) صارَ حُرًّا؛ لأنَّ الظاهِرَ تَلَفُه بالجِنَايةِ، وبعدَ تَلَفِه لا يُمْكِنُ تَحْرِيرُه. وعلى قولِ هذَيْنِ، يكونُ الواجِبُ فيه لسَيِّدِه. وعلى قولِ ابن حامدٍ، للسَّيِّدِ أقَلُّ الأمْرَيْنِ من الغُرَّةِ أو عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّه؛ لأنَّ الغُرّةَ إن كانتْ الأكثرَ (١٦)،


(١١) سقط من: الأصل.
(١٢) في م: "الكتاب".
(١٣) في م: "المسلمة".
(١٤) في ب، م: "حاملا".
(١٥) في ب، م زيادة: "عبدا ويمكن منع كونه". تكرار.
(١٦) في م: "أكثر".

<<  <  ج: ص:  >  >>