للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ: أُخْبِرَ النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بأَمَةٍ لهم فَجَرَتْ، فَأَرْسَلَنِى إليها، فقال: "اجْلِدْهَا الحَدَّ". قال: فانطلَقْتُ، فوَجَدْتُها لم تَجِفَّ مِنْ دَمِهَا، فرَجَعْتُ إليه، فقال: "أفَرَغْتَ؟ ". فقلتُ: وجَدْتُها لم تَجِفَّ من دَمِها. قال: "إذَا جَفَّتْ مِنْ دَمِهَا، فَاجْلِدْهَا الحَدَّ، وأَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ" (٣١). فالظَّاهِرُ أنَّه إنَّما أرادَ ذلك الحَدَّ وشِبْهَه. وأمَّا فعلُ حَفْصَةَ، فقد أَنْكَرَهُ عثمانُ عليها، وشَقَّ عليه، وقولُه أَوْلَى مِنْ قَوْلِها. وما رُوِىَ عن ابنِ عمرَ، فلا نعلَمُ ثُبوتَه عنه. الشَّرْطُ الثَّانِي، أن يَخْتَصَّ السَّيِّدُ بالمَمْلوكِ، فإن كان مُشْتَرَكًا بينَ اثْنَيْنِ، أو كانتِ الأَمَةُ مُزَوَّجَةً، أو كان المملوكُ مُكاتَبًا، أو بعضُه حُرًّا، لم يَمْلِكِ السَّيِّدُ إقامَةَ الحَدِّ عليه. وقال [مالِكٌ، ] (٣٢) والشَّافِعِيُّ: يَمْلِكُ السَّيِّدُ إقامَةَ الحَدِّ على الأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ؛ لِعُمُومِ الخبَرِ، ولأنَّه مُخْتَصٌّ بِمِلْكِهَا، وإنَّما يَمْلِكُ الزَّوْجُ بعضَ نَفْعِها، فَأشْبَهَتِ المُسْتَأْجَرَةَ. ولَنا، ما رُوِىَ عن ابنِ عمرَ، أنَّه قال: إذا كانتِ الأمَةُ ذاتَ زوجٍ، رُفِعَتْ إلى السُّلْطانِ، وإن لم يكُنْ لها زَوْجٌ، جلدَها سَيِّدُها نصْفَ ما على المُحْصَنِ (٣٣). ولا (٣٤) نَعْرِفُ له مُخالِفًا في عصرِه، فكانَ إجْماعًا. ولأنَّ نَفْعَها مملوكٌ لغيرِه مُطْلَقًا، أشْبَهتِ الْمُشْتَرَكَةَ، ولأنَّ المُشْتَرَكَ إنَّما مُنِعَ من إقَامةِ الحَدِّ عليه، لأنَّه يُقِيمُه في غيرِ مِلْكِه، فإنَّ الجزءَ (٣٥) الحُرَّ أو المملوكَ (٣٦) لغيرهِ، ليس بمَمْلوكٍ له، وهو يُقِيمُ الحَدَّ عليه، وهذا يُشْبِهُه؛ لأنَّ مَحَلَّ الحَدِّ هو مَحَلُّ اسْتِمْتاعِ الزَّوْجِ، وهو بدنُها فلا يَمْلِكُه، والخبرُ مَخْصوصٌ بالمُشْتَرَكِ, فنَقِيسُ عليه، والمُسْتأجَرَةُ إجارتُها مُؤَقَّتةٌ تَنْقَضِى (٣٧). ويَحْتَمِلُ أنْ نقولَ: لا يَمْلِكُ إقامَتَه عليها في حالِ إجارتِها؛


(٣١) في م زيادة: "قال".
(٣٢) سقط من: الأصل.
(٣٣) أخرجه عبد الرزاق، في: باب زنى الأمة، من كتاب الطلاق. المصنف ٧/ ٣٩٥.
(٣٤) في م: "ولم".
(٣٥) سقط من: ب.
(٣٦) في الأصل: "والمملوك".
(٣٧) في الأصل: "فتقضى".

<<  <  ج: ص:  >  >>