للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحَدَّ فاعتُبِرَ كَشْفُه. قال بعضُ أهلِ العلم: يجوزُ للشُّهودِ أنْ ينظرُوا إلى ذلك منهما، لإِقامةِ الشهادَةِ عليهما ليَحْصُلَ الرَّدْعُ بالحَدِّ، فإن شَهِدُوا أنَّهم رَأَوْا ذَكَرَه قد غَيَّبَه [في فَرْجِها] (١١) كَفَى، والتَّشْبِيهُ تأكِيدٌ. وأمَّا تَعْيينُهم المَزْنِىَّ بها أو الزَّانِىَ، إن كانتِ الشهادةُ على امرأةٍ، ومَكانَ الزِّنَى، فذكرَ القاضِى أنَّه يُشْتَرَطُ، لئلَّا تكونَ المرأةُ ممَّن اختُلِفَ في إباحَتِها، ويُعْتَبَرُ ذِكْرُ المكانِ، لئلَّا تكونَ شهادةُ أحدِهم على غيرِ الفِعْلِ الذي شَهِدَ به الآخَرُ، ولهذا سألَ النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ماعِزًا، فقال: "إِنَّكَ أَقْرَرْتَ أربعًا، فَبِمَنْ؟ " (١٢). وقال ابن حامدٍ: لا يُحْتَاجُ إلى ذِكْرِ هذَيْنِ؛ لأنَّه لا يُعْتَبَرُ ذِكْرُهما في الإِقْرارِ، ولم يأْتِ ذكرُهما في الحديثِ الصحيحِ، وليس في حديثِ الشهادةِ في رَجْمِ اليَهُودِيَّيْن ذكرُ المَكانِ، ولأنَّ ما لَا يُشْتَرَطُ فيه ذكرُ الزَّمانِ، لا يُشْتَرَطُ فيه ذكرُ المكانِ، كالنِّكاحِ، ويَبْطُلُ ما ذَكَرُوهُ (١٣) بالزَّمَانِ. الشرط السابع، مَجِىءُ الشُّهودِ كُلِّهم في مجلسٍ واحدٍ. ذكرَه الْخِرَقِىُّ، فقال: وإن جاءَ أربعةٌ متفرِّقِين، والحاكم جالِسٌ في مجلسِ حُكْمِه، لم يَقُمْ قبلَ شهادتِهم، وإن جاءَ بعضُهم بعدَ أن قامَ الحاكمُ، كانوا قَذَفَةً، وعليهم الحَدُّ. وبهذا قال مالِكٌ، وأبو حنيفةَ. وقال الشافعي، والْبَتِّىُّ، وابن المُنْذِرِ: لا يُشْتَرَطُ ذلك؛ لَقْولِ اللهِ تعالى: {لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} (١٤). ولم يذْكُرِ المجلسَ، وقال تعالى: {فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ} (١٥). ولأنَّ كلَّ شَهادةٍ مَقْبولةٌ إن اتَّفَقتْ، تُقْبَلُ إذا افْتَرَقَتْ في مَجالِسَ، كسائرِ الشَّهاداتِ. ولَنا، أنَّ أبا بَكْرَةَ ونافعًا وشِبْلَ بن مَعْبدٍ شَهِدُوا عند عمرَ، على المُغِيرةِ بن شُعْبةَ بالزِّنَى، ولم يَشْهَدْ زيادٌ، فحَدَّ الثلاثةَ (١٦). ولو


(١١) سقط من: ب.
(١٢) تقدم تخريجه، في صفحة ٨/ ١٦٠.
(١٣) في ب، م: "ذكره".
(١٤) سورة النور ١٣.
(١٥) سورة النساء ١٥.
(١٦) تقدم تخريجه، في: ١١/ ١٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>