للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والَّذِى نَفْسِى بِيَدِه، لَوْ كَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ (٤)، لَقَطَعْتُ يَدَها". قالَتْ: فقطعَ يدَها. قال أحمد: لا أعرِفُ شيئًا يدْفَعُه. مُتَّفَقٌ عليه (٥). وعنه: لا قَطْعَ عليه. وهو قولُ الْخِرَقِىِّ، وأبى إسْحاقَ بنِ شَاقْلَا، وأبى الخَطَّابِ، وسائرِ الفُقَهَاءِ. وهو الصَّحِيحُ، إنْ شاءَ اللهُ تعالى؛ لقولِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا قَطْعَ عَلَى الخَائِنِ". ولأنَّ الواجِبَ قَطْعُ السَّارِقِ، والجاحِدُ غيرُ سارِقٍ، وإنَّما هو خَائِنٌ، فأشْبَهَ جاحِدَ الوَدِيعَةِ، والمرأةُ التي كانتْ تستعيرُ المتاعَ إنَّما قُطِعَتْ لسَرِقَتِها، لا لجَحْدِها (٦)، ألَا ترَى قوله: "إذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وإذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ قَطَعُوه". وقوله: "والَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ، لَوْ كَانَتْ فاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ (٤)، لَقَطَعْتُ يَدَهَا". وفى بعضِ ألفاظِ روايةِ هذه القصَّةِ عن عائِشَةَ، أنَّ قريشًا أهمَّهُم شأنُ المَخْزُومِيَّةِ التي سَرَقَتْ، وذَكَرَتِ القِصَّةَ. روَاه البُخَارِىُّ. وفي حديثٍ (٧) أنَّها سَرَقَتْ قَطِيفَةً، فرَوَىَ الأثرمُ، بإسنادِهِ عن مسعودِ بنِ الأَسْوَدِ، قال: لَمَّا سَرَقَتِ المرأةُ تلك القَطِيفَةَ من بيتِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أعْظَمْنَا ذلك، وكانت امرأةً من قُرَيْشٍ، فجِئْنَا إلى رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقُلْنا: نحن نَفْدِيها بأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً. قال: "تُطَهَّرُ خَيْرٌ لَهَا". فلما سَمِعْنَا لِينَ قَوْلِ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أَتَيْنَا أُسامَةَ، فقلْنَا: كَلِّمْ لَنا رسولَ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-. وذكرَ الحديثَ نحْوَ سياقِ عائشةَ (٨). وهذا ظاهِرٌ في أنَّ القِصَّةَ واحِدَةٌ، وأنَّها سَرَقَتْ فقُطِعَتْ بِسَرِقَتِها، وإنَّما عَرَّفَتْها عائِشَةُ بجَحْدِها للعارِيَّةِ؛ لكونِها مَشْهُورَةً بذلك، ولا يَلْزَمُ أن يكونَ ذلك سببًا، كما لو عَرَّفَتْها بصِفَةٍ من صفاتِها، وفيما ذكَرْنا جمعٌ بينَ الأحاديثِ، [ومُوَافقةٌ لظاهِرِ الأحاديثِ] (٩) والقياسِ وفُقَهاءِ الأمصارِ، فيكونُ أوْلَى. فأمَّا جاحِدُ الوَدِيعَةِ وغيرِها


(٤) سقطت من: الأصل، ب.
(٥) تقدم تخريجه، في صفحة ٤١٥.
(٦) في ب، م: "بجحدها".
(٧) في ب زيادة: "رواية".
(٨) وانظر ما أخرجه أبو داود، في: باب في الحد يشفع فيه، من كتاب الحدود. سنن أبي داود ٢/ ٤٤٦. وابن. ماجه، في: باب الشفاعة في الحدود، من كتاب الحدود. سنن ابن ماجه ٢/ ٨٥١. والإِمام أحمد في: المسند ٥/ ٤٠٩، ٦/ ٣٢٩.
(٩) سقط من: ب. نقل نظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>