للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإِثْمِ (١٨)، لا جَعْلَ الشَّرْطِ المَعْدومِ كالموجُودِ، بدليلِ ما لَوْ نَسِىَ شَرْطَ الصَّلاةِ. والفَرْقُ بَيْنَ الصَّيْدِ والذَّبيحَةِ، أَنَّ الذَّبْحَ وَقَعَ فى مَحلِّه، فجازَ أَنْ يُسامَحَ (١٩) فيه، بخلافِ الصَّيْدِ. وأمَّا أحادِيثُ أصْحابِ الشافِعِىِّ، فلم يذكُرْها أصحابُ السُّنَنِ المشهورَةِ، وإِنْ صَحَّتْ فهى فى الذَّبِيحَةِ، ولا يصحُّ قياسُ الصَّيْدِ عليها؛ لما ذكَرْنا، مع ما فى الصَّيْدِ من النُّصوصِ الخاصَّةِ. إذا ثَبَتَ هذا، فالتَّسْمِيَةُ المُعْتَبَرَةُ قولُه: "بِسْم اللَّه". لأنَّ إطْلاقَ التَّسْمِيَةِ يَنْصَرِفُ إلى ذلك، وقَدْ ثَبَت أَنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كانَ إذا ذَبَحَ قالَ: "بِسْمِ اللَّهِ، واللَّهُ أَكْبَرُ" (٢٠). وكانَ ابنُ عمرَ يقولُه. ولا خِلافُ فى أنّ قَوْلَ (٢١): "بسمِ اللَّه" يُجْزِئُه. وإِنْ قالَ: اللهُمَّ اغْفِرْ لى. لم يكْفِ؛ لأنَّ ذلك طَلَبُ حاجَةٍ. وإِنْ هَلَّلَ، أو سَبَّحَ، أو كَبرَّ، أو حَمَدَ اللَّه تعالَى، احْتَمَلَ الإِجْزاءَ؛ لأنَّه ذَكَرَ اسمَ اللَّهِ تعالَى على وَجْهِ التَّعْظِيم، واحْتَمَلَ المَنْعَ؛ لأنَّ إِطلاقَ التَّسْمِيَةِ لا يَتَناوَلُه. وإِنْ ذكرَ اسمَ اللَّه تعالَى بغيرِ العَرَبِيَّةِ، أَجْزَأَه وإنْ أحْسَنَ العربِيَّةَ؛ لأنَّ المقْصودَ ذِكْرُ اسمِ اللَّهِ، وهو يَحْصُلُ بجميعِ اللُّغاتِ، بخلافِ التَّكْبِيرِ فى الصَّلاةِ، فإنَّ المَقْصُودَ لفظُه. وتُعْتَبَرُ التَّسْمِيَةُ عندَ الإِرْسالِ؛ لأنَّه الفِعْلُ الموجودُ من المُرْسِلِ، فتُعْتبَرُ التَّسْمِيَةُ عِنْدَه، كما تُعْتَبرُ عندَ الذَّبْحِ من الذَّابحِ، وعنَد إرْسالِ السَّهْمِ من الرَّامِى. نصَّ أحمدُ على هذا. ولا تُشْرَعُ الصَّلاةُ على النّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مع التَّسْمِيَةِ فى ذَبْحٍ ولا صَيْدٍ. وبه قال الليثُ، واختارَ أبو إسحاقَ بن شَاقْلَا اسْتِحْبابَ ذلك. وهو قولُ الشافِعِىِّ؛ لقولِه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ صَلَّى عَلَىَّ مَرَّةً، صَلَّى اللَّه عَلَيْه عَشْرًا" (٢٢). وجاءَ فى تفسير قولِه تعالَى: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} (٢٣). لا (٢٤) أُذْكَرُ إلَّا ذُكِرْتَ مَعِى. ولَنا،


(١٨) فى م: "الاسم" تحريف.
(١٩) فى م: "يتسامح".
(٢٠) تقدم تخريجه فى: ٥/ ٢٩٩.
(٢١) فى م: "قوله".
(٢٢) أخرجه أبو داود، فى: باب فى الاستغفار، من كتاب الوتر. سنن أبى داود ١/ ٣٥١. والدارمى، فى: باب فى فضل الصلاة على النبى -صلى اللَّه عليه وسلم-، من كتاب الرقاق. سنن الدارمى ٢/ ٣١٧. والإمام أحمد، فى: المسند ٣/ ٢٦١.
(٢٣) سورة الشرح ٤.
(٢٤) فى ب: "أن لا".

<<  <  ج: ص:  >  >>