للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أبى هُرَيْرَةَ قال: قال رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الْيَمِينُ عَلى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ". روَاه مسلمٌ (٨). وقالت عائِشَةُ: "الْيَمِينُ عَلَى مَا وَقَعَ لِلْمَحْلوفِ لَهُ" (٩). ولأنَّه لو ساغَ التَّأْويلُ، لَبطلَ المَعْنَى المُبْتَغَى باليَمِينِ، إذْ (١٠) مَقْصودُها تَخْويفُ الحالِفِ ليَرْتَدِعَ عن الجُحودِ، خوفًا من عاقبَةِ اليَمينِ الكاذِبَةِ، فمتَى ساغَ التَّأْوِيلُ له، انْتَفَى ذلك، وصارَ التَّأْوِيلُ وَسِيلةً إلى جَحْدِ الحُقوقِ، ولا نعلَمُ فى هذا خِلافًا. قال إبراهيم، فى رجلٍ اسْتَحْلَفَه السلطانُ بالطَّلاقِ على شىءٍ، فوَرَّكَ (١١) فى يَمِينِه إلى شىءٍ آخَرَ: أَجْزَأَ عنه، وإِنْ كان ظالِمًا لم يُجْزِئْ عنه التَّوْرِيكُ (١٢). الجالُ الثالِثُ، لم يكُنْ ظالمًا ولا مَظْلُومًا، فظاهِرُ كلامِ أحمد، أَنَّ له تَأْوِيلَه، [فإنَّه رُوِىَ] (١٣) أَنَّ مُهَنَّا كان عندَه، هو والْمَرُّوذِىُّ وجماعَةٌ، فجاءَ رجلٌ يطْلُب الْمَرُّوذِىَّ، ولم يُرِدِ الْمَرُّوذِىُّ أَنْ يكلِّمَه، فوَضَعَ مُهَنَّا أُصْبُعَه فى كَفِّه، وقال: ليس الْمَرُّوذِىُّ ههُنا، وما يَصْنَعُ الْمَرُّوذِىُّ ههُنا! يُرِيد: ليس هو فى كَفِّه. ولم يُنْكِرْ ذلك أبو عبدِ اللَّه. ورُوِىَ أَنَّ مُهَنَّا قال له: إنِّى أُريدُ الخُروجَ -يعنى السَّفرَ إلى بلدِه- وأُحِبُّ أَنْ تُسْمِعَنِى الجُزءَ الفُلانِىَّ. فأسْمَعَه إيَّاهُ، ثم رآهُ بعدَ ذلك، فقال: أَلمْ تَقُلْ إنَّك تُرِيدُ الخروجَ؟ فقال له مُهَنَّا: قلتُ لَكَ: إنِّى أريدُ الخروجَ الآنَ؟ فلم يُنْكِرْ عليه. وهذا مذهبُ الشافِعِىِّ. ولا نَعْلَم فى هذا خلافًا. رَوَى سعيدٌ، عن جَرِيرٍ، عن المُغِيرَةِ، قال: كان إذا طَلَبَ إنسانٌ إبراهيمَ (١٤)، ولم يُرِدْ إبراهيمُ أَنْ يَلْقاهُ (١٥)، خَرَجَتْ إليه الخادِمُ،


= كما أخرجه الترمذى، فى: باب ما جاء أن اليمين على ما يصدقه صاحبه، من أبواب الأحكام ٦/ ١٠٧. وابن ماجه، فى: باب من ورى فى يمنه، من كتاب الكفارات. سنن ابن ماجه ١/ ٦٨٦. والدارمى، فى: باب الرجل يحلف على الشىء وهو يورِّكُ على يمينه، من كتاب النذور. سنن الدارمى ٢/ ١٨٧. والإمام أحمد، فى: المسند ٢/ ٢٨٨، ٣٣١.
(٨) فى: باب يمين الحالف على نية المستحلف، من كتاب الأيمان. صحيح مسلم ٣/ ١٢٧٤.
كما أخرجه ابن ماجه، فى: باب من ورى فى يمينه، من كتاب الكفارات. سنن ابن ماجه ١/ ٦٨٥.
(٩) أخرج نحوه عبد الرزاق، فى: باب اليمين بما يصدقك صاحبك، من كتاب الأيمان والنذور. المصنف ٨/ ٤٩٣.
(١٠) فى ب، م: "إذا".
(١١) فى م: "فورَّى". والتوريك فى اليمين: نية ينويها الحالف غير ما نواه مستحلفه.
(١٢) فى م: "التورية".
(١٣) فى م: "فروى".
(١٤) أى: النخعى.
(١٥) فى ب: "يخرج".

<<  <  ج: ص:  >  >>