للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَرَّقُوه (١١)، فجعلَ على الاثْنَيْنِ ثلاثةَ أخْماسِ الدِّيَةِ، وجعلَ على الثَّلاثةِ خُمسَيْها (١٢). وقَضَى بنحوِ هذا مَسْروقٌ. والمذهبُ أنَّ شهادتَهم لا تُقْبَلُ فى شىءٍ؛ لقولِ اللهِ تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} (١٣). وقال: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (١٤). وقال: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} (١٣). والصَّبِىُّ ممَّن لا يُرْضَى. وقال: {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} (١٥). فأخْبرَ أنَّ الشَّاهدَ الكاتِمَ لشهادتِه آثِمٌ، والصَّبِىُّ لا يأْثَمُ، فيدُلُّ على أنَّه ليس بشاهدٍ؛ ولأنَّ الصَّبِىَّ لا يخافُ من مَأْثمِ الكذِبِ، فيَزَعُه عنه، ويَمْنعُه منه، فلا تَحْصُلُ الثِّقَةُ بقولِه، ولأنَّ مَن لا يُقْبَلُ قولُه على نفسِه فى الإقْرارِ، لا تُقْبَلُ شهادتُه على غيرِه، كالمجنونِ، يُحَقِّقُ هذا أنَّ الإقْرارَ أوْسَعُ؛ لأنَّه يُقْبَلُ من الكافرِ والفاسِقِ والمرأةِ، ولا تَصِحُّ الشهادةُ منهم، ولأن مَن لا تُقْبَلُ شَهادتُه فى المالِ، لا تُقْبَلُ فى الجِراحِ، كالفاسقِ، ومَن لا تُقْبَلُ شهادتُه على مَن ليس بمثلِه، لا تُقْبَلُ على مثلِه، كالمجنون. الشرطُ الرابع، العَدالةُ؛ لقولِ اللهِ تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}. ولا تُقبلُ شَهادةُ الفاسقِ لذلك، ولقولِ اللهِ تعالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} (١٦). فأمرَ بالتَّوقُّفِ عن (١٧) نَبَأِ الفاسقِ، والشَّهادةُ نَبَأٌ، فيجبُ التَّوَقُّف عنه. وقد رُوىَ عن النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أنَّه قال: "لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ وَلَا خَائِنَةٍ، وَلَا مَحْدُودٍ فِى الإِسْلَامِ، وَلَا ذِى غِمْرٍ (١٨) عَلَى أخِيهِ". رواه أبو عُبَيْدٍ (١٩). وكان أبو عُبيدٍ لا يَراه خَصَّ


(١١) من هنا إلى آخر قوله: "الثالث من نكفره، وهو من قال بخلق القرآن ونفى الرؤية" ورد فى الأصل فى أثناء "فصل فى قراءة القرآن بالألحان". ويشغل بقية ورقة ٧٦ و، ٧٦ ظ، وبعض ورقة ٧٧ و. اضطراب.
(١٢) أخرجه ابن حزم، فى: كتاب الشهادات. المحلى ١٠/ ٦١٤.
(١٣) سورة البقرة ٢٨٢.
(١٤) سورة الطلاق ٢.
(١٥) سورة البقرة ٢٨٣.
(١٦) سورة الحجرات ٦.
(١٧) فى الأصل: "على".
(١٨) الغمر: الشحناء والعداوة، وكذلك الإحنة. غريب الحديث ٢/ ١٥٤.
(١٩) فى: غريب الحديث ٢/ ١٥٣.
وأخرجه أبو داود، فى: باب من ترد شهادته، من كتاب الأقضية. سنن أبى داود ٢/ ٢٧٥. والترمذى، فى: باب ما جاء فى من لا تجوز شهادته، من أبواب الشهادات. عارضة الأحوذى ٩/ ١٧١، ١٧٢. وابن ماجه، فى: باب من لا=

<<  <  ج: ص:  >  >>