للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأُصولِ. نَمْنَعُ ذلك، بل هو مُوافِقٌ له؛ لِما ذَكَرْناه. وقياسُهم فاسِدٌ؛ لأَنَّه إِذا كان مِلْكُه (٢٤) ثُلثَهم وَحْدَه، لم يُمْكِنْ جَمْعُ نَصِيبِه (٢٥)، والوَصِيَّةُ (٢٦) لا ضَرَرَ فى تَفْريقِها، بخِلافِ مَسْألتِنا. وإِنْ سَلَّمْنا مُخالَفَتَه قِياسَ الأُصولِ، فقَوْلُ رَسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- واجِبُ الاتِّباعِ، سَواءٌ [وافَقَ القِياسَ] (٢٧) أَو خَالَفَه؛ لأَنَّه قَوْلُ المعْصومِ، الذى جَعَلَ اللَّهُ تَعَالى قَوْلَه حُجّةً على الخلْقِ أَجْمعين، وأَمرَنا باتِّباعِه وطاعَتِه، وحَذَّرَ العِقابَ فى مُخالَفةِ أَمْرِه، وجَعَلَ الفَوْزَ فِى طاعَتِه، والضَّلالَ فى مَعْصِيَتِه، وتَطرُّقُ الخَطَأِ إِلى القَائِسِ (٢٨) فى قِياسِه، أغْلَبُ مِن تَطرُّقِ الغَلَطِ (٢٩) إلى أصْحابِ رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- والأئِمَّةِ بَعْدَهم فى رِوَايتهِمْ، على أنَّهم قد خالَفْوا قياسَ الأُصولِ بأحادِيثَ ضَعِيفةٍ، فأَوْجَبُوا الوُضُوءَ بالنَّبِيذِ فِى السَّفَرِ دُونَ الحضَرِ، ونَقَضُوا الوُضوءَ بِالْقَهْقَهَةِ فى الصَّلاةِ دُونَ خَارِجِها؛ وقَوْلُهم فى مَسْأَلَتِنا فى مُخالَفةِ (٣٠) القياسِ والأُصولِ، أشَدُّ وَأعْظَمُ، والضَّرَرَ فى مذهبِهم أعْظَمُ؛ وذلك لأنَّ الإِجْماعَ مُنْعَقِدٌ على أَنَّ صاحبَ الثُّلثِ فى الوَصِيَّةِ وما فى مَعْناها، لا يَحْصُلُ له شىءٌ حتَّى يَحْصُلَ للْوَرَثَةِ مِثْلاهُ، وفى مَسْألَتِنا يَعْتِقُون الثُّلثَ، ويَسْتَسْعُونَ العَبِيدَ (٣١) فى الثُّلثَيْن، فلا يَحْصُلُ للوَرَثةِ شىءٌ فى الحالِ أَصْلًا، ويُحِيلونَهم على السِّعايَةِ، وربَّما لا يَحْصُلُ منها شىءٌ أصْلًا، وربَّما لا يَحْصُلُ منها فى الشَّهْرِ (٣٢) إِلَّا دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهمانِ، فيكونُ هذا فى حُكْمِ مَن لم يَحْصُلْ له شىءٌ، وفيه ضَرَرٌ على العَبِيدِ؛ لأنَّهم يُجْبِرونَهم على الكَسْبِ والسِّعايَةِ، عن غيرِ اخْتيارٍ منهم، وربَّما كان الْمُجْبَرُ على ذلك جارِيَةً، فيَحْمِلُها ذلك على البِغاءِ، أو عَبْدًا، فيَسْرِقُ أو يَقْطعُ الطَّرِيقَ، وفيه ضَرَرٌ على المَيِّتِ، حيثُ (٣٣) أفْضَوْا بوَصِيَّتِه إلى


(٢٤) فى ب: "ملكهم".
(٢٥) سقط من: ب.
(٢٦) فى الأصل واو العطف وحدها.
(٢٧) فى الأصل: "فارق".
(٢٨) فى أ، ب: "القياس".
(٢٩) فى ب، م: "الخطأ".
(٣٠) فى ب: "مخالفته".
(٣١) فى ب، م: "العبد".
(٣٢) فى ب: "السهم".
(٣٣) فى أ: "بحيث".

<<  <  ج: ص:  >  >>