المأثور؛ لأنهم تلقوه من الصحابة غالبًا، ومنهم من قال: إنه من التفسير بالرأي".
وقال الذهبي: "وإنما أدرجنا في التفسير المأثور ما رُوِيَ عن التابعين -وإن كان فيه خلاف: هل هو من قبيل المأثور أو من قبيل الرأي- لأننا وجدنا كتب التفسير المأثور، كتفسير ابن جرير وغيره، لم تقتصر على ذِكْر ما رُوِيَ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وما رُوِيَ عن أصحابه، بل ضمت إلى ذلك ما نُقِل عن التابعين في التفسير".
ولو تأملت النقلين السابقين، فإنك ستجد أنهما يحكيان الخلاف في كون تفسير التابعي مأثورًا أم لا؟
وهما يرجعان إلى رسالة شيخ الإسلام الذي حكى الخلاف في الطريق الرابع من طرق التفسير، وهو تفسير التابعين؛ حكى حجية تفسير التابعي، وليس في كونه مأثورًا أو غير مأثور.
قال ابن تيمية: "وقال شعبة بن الحجاج وغيره: أقوال التابعين في الفروع ليست حجة، فكيف تكون حجة في التفسير؟ يعني: أنها لا تكون حجة على غيرهم ممن خالفهم، وهذا صحيح، أما إذا أجمعوا على الشيء فلا يرتاب في كونه حجة، فإن اختلفوا فلا يكون قول بعضهم حجة على بعض ولا على من بعدهم، ويرجع في ذلك إلى لغة القرآن، أو السُّنَّة، أو عموم لغة العرب، أو أقوال الصحابة في ذلك".
إذن؛ لم يكن المصدر الذي نقلوا منه يتكلم عن مصطلح (المأثور)، ولا عن حكم (المأثور)، وإنما كان يتكلم عن (طرق التفسير)، وكان منها (تفسير التابعين)، ثم بيَّن الخلاف في حجيته دون تفصيل.
وإن كان هذا التأصيل صحيحًا، فإن اصطلاح شيخ الإسلام أدق من اصطلاح المعاصرين، وأصح حكمًا.
فهذه الأنواع الأربعة لا إشكال في كونها طرقًا، كما أنه لا إشكال في أنها أحسن طرق التفسير، وهناك غيرها مما لم يُذكر، ومن ثمَّ، فمن أراد أن يفسر القرآن، فعليه الرجوع إلى هذه الطرق.
* تقويم مصطلح (التفسير المأثور):
يندرج تحت مصطلح المعاصرين أمران:
الأول: ما يتعلق بصحة دخول هذه الأنواع في مسمى (المأثور).